أشهدكم أن لله في مالي مائة مَكُّوك (١) من الحنطة، وستمائة درهم أُصْلِحُها بها وأطعمها لفقراء المسلمين، أقي بها نفسي وأهلي من نار جهنم، ثم نهض وأمضى ذلك باطلاع منا في أيام، فكان مجموع ما أنفق نحواً من مائتين وخمسين ديناراً تقريباً.
قوله تعالى: ﴿لا يعصون الله ما أمرهم﴾ أي: فيما أمرهم.
وقيل: "ما أمرهم" في محل النصب على البدل (٢)، أي: لا يعصون ما أمر الله، أي: أمره، كقوله: ﴿أفعصيت أمري﴾ [طه: ٩٣].
﴿ويفعلون ما يؤمرون﴾ قال بعضهم: ليست الجملتان في معنى واحد؛ لأن معنى الأولى أنهم يتقبلون أوامر الله ولا يأبونها.
ومعنى الثانية: يؤدون ما أُمروا به، لا يتثاقلون عنه ولا يتوانون فيه.
قوله تعالى: ﴿توبوا إلى الله توبة نصوحاً﴾ قال أبو زيد: توبة صادقة، يقال: نصحته، أي: صَدَقْتُه (٣).
وفي الحديث: التوبة النصوح: أن يتوب التائب ثم لا يرجع إلى الذنب (٤).
وقال بعض أهل المعاني (٥) : وُصفت التوبة بالنصح على الإسناد المجازي،

(١)... المَكُّوك: مكيال معروف لأهل العرب، والجمع: مكاكيك، وهو صاع ونصف (اللسان، مادة: مكك).
(٢)... انظر: الدر المصون (٦/٣٣٧).
(٣)... ذكره الواحدي في الوسيط (٤/٣٢١).
(٤)... أخرج نحوه ابن أبي شيبة (٧/١٠٧ ح٣٤٥٦٠)، والبيهقي في الشعب (٥/٣٨٧ ح٧٠٣٥) من حديث ابن مسعود. وذكره الواحدي في الوسيط (٤/٣٢٢).
(٥)... هذا قول الزمخشري في: الكشاف (٤/٥٧٣).
(١/١٩٠)


الصفحة التالية
Icon