« ﴿تبارك الذي بيده الملك﴾ تُجادل عن صاحبها يوم القيامة» (١).
وقد شرحنا "تبارك" في الأعراف (٢).
قال ابن عباس: والمراد بالمُلْك: السُّلْطان، فهو يُعزّ ويُذلّ (٣).
قوله تعالى: ﴿الذي خلق الموت والحياة﴾ قال ابن عباس: يريد: الموت في الدنيا والحياة في الآخرة (٤).
وقال قتادة: موت الإنسان وحياته في الدنيا (٥).
قال أهل المعاني (٦) : الحياة: ما يَصح بوجوده الإحساس، أو ما يُوجب كون الشيء حياً، وهو الذي يصح منه أن يَعْلَمَ ويَقْدِرَ، والموت عدم ذلك فيه.
ومعنى خلْق ذلك: إيجاده وإعدامه.
فإن قيل: لم قَدَّمَ الموت على الحياة؟
قلتُ: لأنها مسبوقة به، يدلك قوله: ﴿وكنتم أمواتاً فأحياكم﴾ [البقرة: ٢٨]، فقدّمه في الذّكر، وإن كان المراد الموت الثاني، نظراً إلى أنه أسبق.
ولأنه أقرب إلى القهر والملك.
ولأن المقصود التنبيه والحضّ على عمل الآخرة، فقُدم لذلك.

(١)... أخرجه مالك في الموطأ (١/٢٠٩ ح٤٨٧).
(٢)... عند الآية رقم: ٥٤.
(٣)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٨/٣١٩).
(٤)... ذكره الماوردي (٦/٥٠) بلا نسبة، والواحدي في الوسيط (٤/٣٢٦).
(٥)... ذكره الواحدي في الوسيط (٤/٣٢٦).
(٦)... هو قول الزمخشري في: الكشاف (٤/٥٧٩).
(١/١٩٩)


الصفحة التالية
Icon