وقال أبو صالح: كان استثناؤهم ذلك الزمان قول: سبحان الله (١).
وقيل: المعنى: لولا تسبحون الله بالذكر والتوبة والاستغفار من خُبث نيتكم.
كأنه والله أعلم كان نهاهم وخوّفهم عاقبة أمرهم حين أصرُّوا على منع المساكين، يدل عليه قوله: ﴿قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين﴾ فاعترفوا بذنبهم وظلمهم في منع الفقراء، وترك الاستثناء.
﴿فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون﴾ يلوم بعضهم بعضاً؛ لأن منهم من زَيَّنَ، ومنهم من قَبِلَ، ومنهم من رَضِيَ، ومنهم من عَذَر.
ثم نادوا على أنفسهم بالويل فقالوا: ﴿يا ويلنا إنا كنا طاغين﴾ حيث لم نصنع في جَنَّتِنا ما كان أبونا يصنع فيها.
ثم رجعوا إلى الله راجين فضله وإحسانه فقالوا: ﴿عسى ربنا أن يبدلنا خيراً منها إنا إلى ربنا راغبون﴾ طالبون منه الخير.
قال ابن مسعود: بلغني أن القوم أخلصوا وَعَرَفَ الله منهم الصدق، فأبدلهم الله بها جنة يقال لها: الحيوان، فيها عنبٌ يحمل البغل منها عنقوداً واحداً (٢).
قال بكر بن سهيل: حدثني أبو خالد اليمامي: أنه رأى تلك الجنة فقال: رأيتُ كل عنقود منها كالرجل الأسود القائم (٣).
قوله تعالى: ﴿كذلك العذاب﴾ أي: مثل ذلك العذاب الذي بلونا به أهل مكة

(١)... أخرجه ابن أبي حاتم (١٠/٣٣٦٦) عن السدي. وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٨/٣٣٨)، والسيوطي في الدر (٨/٢٥٣) وعزاه لابن أبي حاتم عن السدي.
(٢)... ذكره القرطبي في تفسيره (١٨/٢٤٥)، والبغوي (٤/٣٨١).
(٣)... ذكره القرطبي في تفسيره، الموضع السابق.
(١/٢٣٦)


الصفحة التالية
Icon