إلا قليلاً حتى يسقط منها عِدَّة، فسأله الكفار أن يُصيبَ رسول الله - ﷺ - بالعين، فعصمه الله تعالى منه (١)، وأنزل هذه الآية (٢).
وأبى الزجاج (٣) هذا القول [وقال] (٤) : التأويل: أنهم من شدة إبغاضهم لك وعداوتهم يكادون بنظرهم نظر البغضاء يصرعونك. وهذا مستعملٌ في الكلام، يقول القائل: نظر إليّ فلان نظراً يكاد يصرعني به، ونظراً يكاد (٥) يأكلني فيه، وتأويله كله: أنه [نظر] (٦) نظراً لو أمكنه معه أكلي، أو أن يصرعني؛ لفَعَل.
قال (٧) : وهذا بينٌ واضح.
وقال ابن قتيبة (٨) : ليس يريد أنهم يصيبونك بأعينهم كما يُصيب العاين بعينه ما يُعجبه، وإنما أراد: أنهم ينظرون إليك -إذا قرأت القرآن- نظراً شديداً بالعداوة

(١)... قال الحافظ ابن كثير (٤/٤١٠) : وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل، كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة.
... وقد روى مسلم في صحيحه (٤/١٧١٩ ح٢١٨٨) عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - ﷺ - قال: "العين حق، ولو كان شيء سَابَقَ القَدَرَ سَبَقَته العين، وإذا اسْتُغْسِلتُم فاغْسِلُوا".
... قلت: وقد أورد الحافظ رحمه الله طائفة كثيرة من الأحاديث التي تثبت تأثير العين والحسد، فراجعها في التفسير (٤/٤١٠-٤١٣).
(٢)... انظر: أسباب النزول للواحدي (ص: ٤٦٤)، وزاد المسير (٨/٣٤٣).
(٣)... معاني الزجاج (٥/٢١٢).
(٤)... زيادة من ب.
(٥)... في ب: كاد.
(٦)... زيادة من ب.
(٧)... أي: الزجاج في معانيه (٥/٢١٢).
(٨)... تفسير غريب القرآن (ص: ٤٨٢).
(١/٢٤٦)


الصفحة التالية
Icon