وحَسُنَ التذكير في "نفخ"؛ لوقوع الفصل، أو لأن التأنيث في "نفخة" ليس بحقيقي.
قال عطاء: هي النفخة الأولى (١) ؛ لأن عندها خراب هذا العالم.
وقال ابن السائب ومقاتل (٢) : هي النفخة الثانية؛ لقوله تعالى: ﴿يومئذ تعرضون﴾ [الحاقة: ١٨] عقيب ذكر النفخة.
ويجاب عن هذا بأن يقال: المراد بقوله: "يومئذ" الحين الواسع الذي يقع فيه [النفختان] (٣) والنشور والحساب، كما تقول: رأيته في عام كذا، أو في يوم كذا، وإنما كانت رؤيتك إياه في جزء منه.
﴿وحُمِلَتِ﴾ وقرأتُ لابن عامر من رواية الوليد بن عتبة عنه: "وحُمِّلَتِ" بتشديد الميم (٤).
والمعنى: وقُلعت جملة الأرض وجملة الجبال من أماكنها.
﴿فدُكَّتا دكةً واحدة﴾ أي: كُسِرَتا كَسْرةً واحدة حتى تندقّ. وقد أشرنا إلى ذلك في قوله تعالى: ﴿جعله دكاً﴾ [الأعراف: ١٤٣].
والمراد: أنها تصير أرضاً واحدة مستوية، لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً.
﴿فيومئذ وقعت الواقعة﴾ قامت القيامة، ﴿وانشقت السماء﴾ لنزول من فيها

(١)... ذكره الواحدي في الوسيط (٤/٣٤٥)، وابن الجوزي في زاد المسير (٨/٣٤٨).
(٢)... ذكره مقاتل (٣/٣٩٣)، والواحدي في الوسيط (٤/٣٤٥)، وابن الجوزي في زاد المسير (٨/٣٤٨).
(٣)... في الأصل: النفخات. والمثبت من ب.
(٤)... انظر: إتحاف فضلاء البشر (ص: ٤٢٢)، والدر المصون (٦/٣٦٣).
(١/٢٥٦)


الصفحة التالية
Icon