وهذا رديء في القياس لا يُعطف على الهاء المخفوضة إلا بإظهار الخافض، ولكن وجهه: أن يكون محمولاً على معنى: آمنا به صدّقنا، فيكون المعنى: وصدّقنا أنه تعالى جَدّ ربنا.
ومعنى: جَدّ ربنا: عظمته. تقول العرب: جَدَّ فلان في عيني، بمعنى: عَظُمَ، ومنه الحديث: «كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جَدَّ فينا، أي: عَظُمَ» (١).
وقال أبو عبيدة (٢) : جَدُّه: ملكه وسلطانه.
وقيل: غناه. ومنه: «لا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَد» (٣).
وقوله تعالى: ﴿ما اتخذ صاحبة ولا ولداً﴾ بيانٌ لـ"جدّ ربنا" جل وعلا.
قوله تعالى: ﴿وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططاً﴾ قال مجاهد وقتادة: هو إبليس (٤).
وقال مقاتل (٥) : كفارهم، "على الله شططاً": جوراً وكذباً، وهو [وصفه] (٦) بالشريك والولد.
قوله تعالى: ﴿وأنا ظننا﴾ كان في ظن هؤلاء النفر من الجن أن أحداً من الثقلين لن يكذب على الله، وهذا القول خارج مخرج الاعتذار من سوء ما سلف منهم

(١)... أخرجه أحمد (٣/١٢٠ ح١٢٢٣٦).
(٢)... مجاز القرآن (٢/٢٧٢).
(٣)... أخرجه البخاري (١/٢٨٩ ح٨٠٨)، ومسلم (١/٣٤٧ ح٤٧٧).
(٤)... أخرجه الطبري (٢٩/١٠٧)، وابن أبي حاتم (١٠/٣٣٧٧). وذكره السيوطي في الدر (٨/٢٩٨) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٥)... تفسير مقاتل (٣/٤٠٥).
(٦)... في الأصل: وصف. والتصويب من ب.
(١/٣٠٧)


الصفحة التالية
Icon