أحدهما: أن يكون من جملة الموحى.
والثاني: أن يكون المعنى: ولأن المساجد لله ﴿فلا تدعوا﴾. فتكون اللام متعلقة: بـ"لا تدعوا". على معنى: فلا تدعوا ﴿مع الله أحداً﴾ في المساجد؛ لأنها لله خالصة. ومثله: ﴿وإن هذه أمتكم أمة واحدة﴾ [المؤمنون: ٥٢]، أي: ولأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون، أي: لهذا فاتقون. وهذا مذهب الخليل.
قال أبو علي (١) : ويجوز أيضاً في غير هذا الحرف مما قُرئ بالفتح أن يحمل على هذا التأويل إذا كان مما يليق به.
وفي معنى المساجد أربعة أقوال:
أحدها: أنها المساجد المعهودة. قاله ابن عباس (٢).
قال قتادة: كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسَهم وبِيَعَهُم أشركوا بالله، [فأمر الله] (٣) عز وجل المسلمين أن يخلصوا له الدعاء إذا دخلوا مساجدهم (٤).
الثاني: أنها الأعضاء السبعة التي يَسجد عليها العبد. قاله سعيد بن جبير (٥). على معنى: أنها لله خلقاً وملكاً، فلا يُذللها لغيره جل وعلا.
وهي على التفسير الأول: جمع مَسْجِد، بكسر الجيم. وعلى الثاني: جمع مَسْجَد، بفتح الجيم.

(١)... انظر: الحجة (٤/٦٩).
(٢)... ذكره الماوردي (٦/١١٩)، وابن الجوزي في زاد المسير (٨/٣٨٢).
(٣)... زيادة من ب، ومصادر التخريج.
(٤)... أخرجه الطبري (٢٩/١١٧). وذكره السيوطي في الدر (٨/٣٠٦) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٥)... ذكره الواحدي في الوسيط (٤/٣٦٧)، وابن الجوزي في زاد المسير (٨/٣٨٢).
(١/٣١٦)


الصفحة التالية
Icon