قوله تعالى: ﴿بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفاً منشرة﴾ أي: كتباً منشورة.
وكان كفار قريش قالوا للنبي - ﷺ -: إن سرّك أن نتبعك، فليصبح عند رأس كل واحد (١) منا كتاب منشورٌ: إلى فلان بن فلان من الله تبارك وتعالى، يؤمر فيه باتباعك (٢).
وقال أبو صالح: طلبوا أن يأتي كل واحد منهم كتاب من الله تبارك وتعالى فيه براءة له من النار (٣).
وقيل: إنهم قالوا: بلغنا أن الرجل من بني إسرائيل كان إذا أذنب ذنباً أصبح وذنبه مكتوب في رقعة، فما لنا لا نرى ذلك، فنزلت هذه الآية (٤).
قوله تعالى: ﴿كلا﴾ ردعٌ لهم عن تلك الإرادة، وزجر عن اقتراح الآيات ﴿بل لا يخافون الآخرة﴾ أي: لا يحذرون عذابها. فلذلك اقترحوا عليك الآيات، وتعنّتوك هذا [التعنّت] (٥).
﴿كلا إنه﴾ يعني: القرآن ﴿تذكرة﴾ أي: عظة بليغة.
﴿فمن شاء ذكره﴾ أي: اتّعظ به، فإن الله تعالى جعل له آلة تُوصله إلى ذلك.
ثم رد المشيئة إلى نفسه تعالى فقال: ﴿وما يذكرون إلا أن يشاء الله﴾ وقرأ نافع:

(١)... في ب: رجل.
(٢)... أخرجه الطبري (٢٩/١٧١). وذكره السيوطي في الدر (٨/٣٤٠) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد. ومن طريق آخر عن قتادة، وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر أيضاً.
(٣)... ذكره السيوطي في الدر (٨/٣٤٠) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
(٤)... ذكره الماوردي (٦/١٤٩)، وابن الجوزي في زاد المسير (٨/٤١٣).
(٥)... في الأصل: التعنيت. والتصويب من ب.
(١/٣٧٤)


الصفحة التالية
Icon