قوله تعالى: ﴿فاصبر لحكم ربك﴾ مُفسّر في مواضع (١).
وبعض المفسرين يقولون: هو منسوخ بآية السيف (٢). وقد ذكرنا صواب القول في هذا وأمثاله.
﴿ولا تطع منهم﴾ أي: من مشركي مكة ﴿آثماً﴾ وهو عتبة بن ربيعة، ﴿أو كفوراً﴾ يريد: الوليد بن المغيرة. وكانا قالا له: ارجع عن هذا الأمر ونحن نرضيك بكل ما تريد، من مال ورئاسة وغيرهما.
وقيل: الصفتان لأبي جهل.
فإن قيل: ما الفائدة في "أو"، وهلاّ قال: آثماً وكفوراً؛ ليكون نهياً عن طاعتهما جميعاً؟
قلتُ: هذه أو التي للتخيير، إذا قلت: اضرب زيداً أو عَمْراً، فمعناه: اضرب أحدهما. فإذا قلت: لا تضرب زيداً أو عمراً، فمعناه: لا تضرب أحدهما. فالمعنى هاهنا: لا تُطع أحدهما، فيكون منهياً عن طاعتهما معاً بطريق الفحوى، كقوله: ﴿فلا تقل لهما أف﴾ [الإسراء: ٢٣]، بخلاف قوله: لا تطعهما، فإنه يجوز من حيث اقتضاء الوضع أن يطيع أحدهما، وليس في فحوى الخطاب ما يقتضي المدلول الذي ذكرناه في قوله: لا تطع أحدهما.
قوله تعالى: ﴿واذكر اسم ربك﴾ أي: اذكره بالتعظيم والتنزيه ﴿بكرة وأصيلاً﴾.

(١)... في سورة الطور، عند الآية رقم: ٤٨، وسورة القلم عند الآية رقم: ٤٨.
(٢)... انظر: الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص: ١٩٢)، والناسخ والمنسوخ لابن حزم (ص: ٦٣)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي (ص: ٥٠٣).
(١/٤٢٤)


الصفحة التالية
Icon