منتهى علمها.
﴿إنما أنت منذر من يخشاها﴾ أي: إنما بُعثت لتنذر من أهوالها.
وإنما خَصَّ الخَاشِينَ بالذكر مع كونه منذراً للثقلين من لدنه إلى أن تقوم الساعة؛ لموضع انتفاعهم بالإنذار.
وقرأتُ على الشيخ أبي البقاء لأبي جعفر ولأبي عمرو من رواية الحلبي عن عبد الوارث: "منذرٌ" بالتنوين (١).
قال الفراء (٢) : التنوين وتركه صواب؛ كقوله: ﴿بالغٌ أمره﴾ [الطلاق: ٣] و ﴿موهنٌ كيد الكافرين﴾ [الأنفال: ١٨].
وقال الزمخشري (٣) : التنوين هو الأصل، والإضافة تخفيف، وكلاهما يصلح للحال والاستقبال، فإذا أريد الماضي فليس إلا الإضافة؛ كقولك: هو منذر زيدٍ أمس.
﴿كأنهم يوم يرونها﴾ يعاينون أهوالها ويعانون شدائدها ﴿لم يلبثوا﴾ في الدنيا. وقيل: في القبور ﴿إلا عشية﴾ وهي ما بعد العصر، ﴿أو ضحاها﴾ وهو ما كان إلى ارتفاع الشمس.
والمعنى: كأنهم لم يلبثوا إلا هذا القدر من الزمان.
وصحّ إضافة الضحى إلى العشية في قوله: ﴿أو ضحاها﴾ ؛ لاجتماعهما في يوم واحد.

(١)... الحجة للفارسي (٤/٩٧)، والنشر (٢/٣٩٨)، والإتحاف (ص: ٤٣٣)، والسبعة (ص: ٦٧١).
(٢)... معاني الفراء (٣/٢٣٤).
(٣)... الكشاف (٤/٧٠٠).
(١/٤٨٢)


الصفحة التالية
Icon