عنهما [مع كونهما] (١) من الفصحاء وأهل اللسان معنى الأَبّ، حتى قالا ما ذكرته في مقدمة الكتاب، وجَهِلا معرفته، وعَرَفَه غيرهما من بعدهما؟
قلتُ: لا يلزم من ذلك إحاطتهما [بجميع] (٢) لغة العرب. فإن العربي الفصيح قد يجهل بعض لغة قومه فضلاً عن لغة غيرهم. وقد فهما في الجملة أن الأَبّ: نبت، وأنه من جملة ما امتنّ الله به على عباده، وطَلَب منهم شكره، فصَدَفَا عن القول فيه بغير يقينٍ وعلمٍ إلى العمل بشُكر الله وغيرُهما عَلِمَ معناه فقَالَه، فتناقَلَه الخلف عن السلف، واشتَهَر بينهم علمُه، وهكذا يجب على كل عالم أن يتورَّع عن القول في كتاب الله بغير علم وبصيرة، وأن لا يُقدم على تفسير شيء منه إلا بنقل فيما طريقُه النقل، أو استنباطٍ يشهد العلم بصحته، على ما أوضحته في مقدمة الكتاب.
قوله تعالى: ﴿متاعاً لكم﴾ أي: منفعة لكم ﴿ولأنعامكم﴾.
فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (٣٣) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (٤١) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (٤٢)
قوله: ﴿فإذا جاءت الصاخة﴾ قال الزجاج (٣) : هي الصيحة التي تكون عندها

(١)... زيادة من ب.
(٢)... في الأصل: بالجميع. والتصويب من ب.
(٣)... معاني الزجاج (٥/٢٨٧).
(١/٤٩٦)


الصفحة التالية
Icon