قوله تعالى: ﴿وإذا الجنة أُزْلِفَت﴾ أي: أُدنيت وقُرّبت من المتقين، كما قال: ﴿وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد﴾ [ق: ٣١].

فصل


اعلم أن هذه اثنتا عشرة خصلة، ستة منها بين يدي الساعة، وستة في الآخرة.
فإن قيل: أين جواب: ﴿إذا الشمس كورت﴾ [التكوير: ١] وما في [حيزه] (١) ؟
قلتُ: قوله: ﴿علمت نفس ما أحضرت﴾ أي: من خير وشر.
فإن قيل: كل نفس تعلم ما أحضرت، فما معنى قوله عز وجل: ﴿علمت نفس﴾ ؟
قلتُ: قد أجاب عنه الزمخشري فقال (٢) : هو من عكس كلامهم الذي يقصدون به الإفراط فيما يُعكس عنه. ومنه قوله عز وجل: ﴿ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين﴾ [الحجر: ٢] ومعناه: معنى كم، وأبلغ منه قول القائل:
قد أترك القرن مصفرّاً أنامله........................... (٣)
وتقول لبعض قواد العساكر: كم عندك من الفرسان؟ فيقول: رب فارس عندي، أو لا تعدم عندي فارساً، وعنده المقانب (٤). وقصده بذلك: التمادي في تكثير فرسانه. ولكنه أراد إظهار براءته من التَّزيُّد، وأنه ممن يُقلِّل كثير ما عنده،
(١)... في الأصل: خبره. والمثبت من ب.
(٢)... الكشاف (٤/٧١٠).
(٣)... صدر بيت للهذلي، وعجزه: (كأن أثوابه مجّت بفرصاد). وهو في: اللسان (مادة: قدد، أسن)، وتاج العروس (مادة: قدد)، والكتاب (٤/٢٢٤)، والدر المصون (١/٤٧)، وروح المعاني (٧/١٣٤).
(٤)... المقانب: جماعة الخيل (الصحاح، مادة: قنب).
(١/٥٠٨)


الصفحة التالية
Icon