أنبيائه.
قوله تعالى: ﴿وما صاحبكم بمجنون﴾ يعني: [محمداً] (١) - ﷺ -. وكان كفار مكة رَمَوْه بالجنون، فَسَلَبَ عنه ما أثبتوه له بهتاً وعناداً منهم. ونسبتُه إليهم بقوله: "وما صاحبكم (٢) " كلام يلوح منه التوبيخ لهم، والإشعار بأنهم كذبة عند أنفسهم.
المعنى: وما صاحبكم الذي صحبتموه الزمان الطويل وعرفتموه بضدّ ما به قرفتموه، وما زال مشهوراً بينكم بالرزانة، موصوفاً بالأمانة، بمجنون، فكيف استجزتم لأنفسكم عظيم الاجتراء على المكابرة والافتراء؟
قوله تعالى: ﴿ولقد رآه بالأفق المبين﴾ أي: رأى ربه.
وقيل: جبريل، رآه على صورته التي خُلق عليها، بالأفق التي تطلع منه الشمس، فتُبيّن الأشياء وتُظهرها. وقد ذكرنا ذلك في النجم (٣).
قوله تعالى: ﴿وما هو على الغيب﴾ أي: وما محمد - ﷺ - على ما يُخبر به من الغيب من الوحي والإخبار عما كان ويكون ﴿بظنين﴾.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي: "بظَنِين" بالظاء، أي: بمتّهم على ما يُخبر به من ذلك عن الله عز وجل. وقرأ الباقون "بضَنِين" بالضاد (٤)، من الضَّنِّ، وهو البخل، أي: وما هو ببخيل فيبخل عليكم بما ينفعكم من الوحي.
(٢)... في الأصل زيادة قوله: بمجنون.
(٣)... عند الآية رقم: ٧.
(٤)... الحجة للفارسي (٤/١٠١)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٧٥٢)، والكشف (٢/٣٦٤)، والنشر (٢/٣٩٨-٣٩٩)، والإتحاف (ص: ٤٣٤)، والسبعة (ص: ٦٧٣).
(١/٥١٣)