وإنما صح إبدال الذين [شاؤوا الاستقامة] (١) من "العالمين"؛ لأنهم لموضع اختصاصهم بالنفع، كأنه لم يوعظ به سواهم، وإن كان الوعظ بالقرآن للجميع أن يستقيم على الحق والإيمان.
والمعنى: أن القرآن إنما يتّعظ به من استقام على الحق.
ثم أعلم أن المشيئة في التوفيق إليه فقال: ﴿وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين﴾.
قال أبو هريرة وسليمان بن موسى: لما نزلت: ﴿لمن شاء منكم أن يستقيم﴾ قال أبو جهل: الأمر إلينا، إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم، فأنزل الله: ﴿وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين﴾ (٢).

فصل


ذهب جماعةٌ مِنْ نَقَلَةِ التفسير إلى أن قوله: ﴿لمن شاء منكم أن يستقيم﴾، وقوله في عبس: ﴿فمن شاء ذكره﴾ [عبس: ١٢]، وقوله في الإنسان وفي المزمل (٣) :﴿فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً﴾ منسوخ بقوله: ﴿وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين﴾ (٤).
(١)... في الأصل: شاء بالإستقامة. والتصويب من ب.
(٢)... أخرجه الطبري (٣٠/٨٤). وذكره السيوطي في الدر (٨/٤٣٦) وعزاه لابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة. ومن طريق آخر عن سليمان بن موسى، وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم. وانظر: أسباب النزول للواحدي (ص: ٤٧٣).
(٣)... في سورة الإنسان عند الآية رقم: ٢٩، وفي المزمل عند الآية رقم: ١٩.
(٤)... انظر: الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص: ١٥٩)، والناسخ والمنسوخ لابن حزم (ص: ٦٤)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي (ص: ٥٠٠) قال: وليس هذا بكلام من يدري ما يقول.
(١/٥١٥)


الصفحة التالية
Icon