قال صاحب الكشاف (١) : وفي هذا الإنكار والتعجيب وكلمة الظن، ووصف اليوم بالعِظَم، وقيام الناس فيه لله خاضعين، ووصف ذاته برب العالمين: بيان بليغ لِعِظَم الذنب، وتفاقُم الإثم في التطفيف، وفيما كان في مثل حاله من الحيف وترك القيام بالقسط، والعمل على التسوية والعدل في كل أخذ وإعطاء، بل (٢) في كل قول وعمل.

فصل: يتضمن نبذة زاجرة عن التطفيف


روى مجاهد وطاووس والضحاك عن ابن عباس قال: قال رسول الله - ﷺ -: «خمسٌ بخمسٍ، قالوا: يا رسول الله وما خمسٌ بخمسٍ؟ قال: ما نقض قومٌ العهد إلا سلّط الله عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله عز وجل إلا فشا فيهم الفقر، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، وما طفَّفُوا الكيل إلا مُنِعُوا النبات وأخذوا بالسنين، ولا مَنعوا الزكاة إلا حُبس عنهم القطر» (٣).
وقال مالك بن دينار: دخلتُ على جار لي وقد نزل به الموت، فجعل يقول: جبلين من نار، جبلين من نار. قلت: ما تقول؟ أتهجر (٤) ؟ قال: يا أبا يحيى، إن لي مكيالين كنت أكيل بأحدهما وأكتال بالآخر، قال: فقمت فجعلت أضرب أحدهما
(١)... الكشاف (٤/٧٢١).
(٢)... قوله: "في كل أخذ وإعطاء بل" ساقط من ب.
(٣)... أخرجه الطبراني في الكبير (١١/٤٥ ح١٠٩٩٢)، والديلمي في الفردوس (٢/١٩٧ ح٢٩٧٨). قال الهيتمي في مجمع الزوائد (٣/٦٥) : رواه الطبراني في الكبير، وفيه إسحاق بن عبدالله بن كيسان المروزي، ليّنه الحاكم، وبقية رجاله موثقون وفيهم كلام.
(٤)... هَجَرَ في نومه ومرضه يَهْجُرُ هَجْراً: هذى (اللسان، مادة: هجر).
(١/٥٢٨)


الصفحة التالية
Icon