وقال أبو علي: التقدير: لا يجدون في صدورهم مسّ (١) حاجة من فقد ما أوتوا، فحذف المضافين.
وقال غيره من أهل المعاني (٢) : يعني: أنهم لم تتبع نفوسهم ما أعطوا، ولم تطمح إلى شيء منه تحتاج إليه.
﴿ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة﴾ أي: يؤثرون المهاجرين على أنفسهم ولو كان بهم [حاجة] (٣) شديدة، وذلك أنهم قاسموهم ديارهم وأموالهم، وآثروهم بما أفاء الله على رسوله.
وفي الحديث: أن رسول الله - ﷺ - قسم للمهاجرين ما أفاء الله عليه من النضير [وقيل] (٤) من قريظة، على أن يَرُدَّ المهاجرون على الأنصار ما كانوا أعطوهم من أموالهم، فقالت الأنصار: بل نقسم لهم من أموالنا ونؤثرهم بالفيء، فأنزل الله هذه الآية (٥).
وبالإسناد السالف قال البخاري: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن كثير، حدثنا أبو أسامة، حدثنا فضيل بن غزوان، حدثنا أبو حازم الأشجعي، عن أبي هريرة قال: «أتى رجل رسول الله - ﷺ - فقال: يا رسول الله، أصابني الجهد، فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئاً، فقال رسول الله - ﷺ -: ألا رجل يُضيفه هذه الليلة يرحمه

(١)... في ب: من.
(٢)... قاله الزمخشري في: الكشاف (٤/٥٠٤).
(٣)... في الأصل: خصاصة. والتصويب من ب.
(٤)... في الأصل وب: وحمل، وفي الماوردي: ونفل. ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٥)... ذكره الماوردي (٥/٥٠٦).
(١/٥٦)


الصفحة التالية
Icon