السراج وجلسوا للطعام، فلما رُفع فإذا الطعام بحاله لم يأكل واحد منهم إيثاراً منه على نفسه (١).
قوله تعالى: ﴿ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون﴾ قرأ ابن السميفع: "يُوَقَّ" بفتح الواو وتشديد القاف (٢).
وفيه إشعار أن الأنصار وُقُوا شُحَّ أنفسهم، وأضيف الشح إلى النفس؛ لأنه غريزةٌ فيها.
قال المفسرون: وهو أن لا يأخذ شيئاً مما نهاه الله عنه، ولا يمنع شيئاً أمره الله به.
وإذا أردتَ أن تعلم فضيلة السخاء وأنه جِماعُ كل خير، ورذيلةَ الشُّح وأنه جِماع كل شر، فتلمح قوله عليه السلام: «أيُّ داء أدوى من البخل» (٣).
وتُلَمِّحُ هذه الآية كيف حكم بفلاح من وُقي شُحَّ نفسه وجزم به وأكَّدَه فقال: ﴿فأولئك هم المفلحون﴾.
وقال في موضع آخر: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: ٢٠٠]، فجاء بصيغة الترجّي، ولم يأت بها هاهنا؛ نظراً إلى ما ذكرناه من المعنى.
وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: «لا

(١)... ذكره الثعلبي (١٣/٢٠٠).
(٢)... انظر هذه القراءة في: زاد المسير (٨/٢١٥)، والدر المصون (٦/٢٩٦).
(٣)... أخرجه الحاكم (٣/٢٤٢ ح٤٩٦٥).
(١/٥٨)


الصفحة التالية
Icon