قوله تعالى: ﴿إنهم﴾ يعني: كفار قريش ﴿يكيدون كيداً﴾ يعملون المكايد في إبطال أمري، وإطفاء النور الذي بَعثتُ به رسولي.
﴿وأكيد كيداً﴾ أستدرجهم من حيث لا يعلمون.
﴿فمهِّل الكافرين﴾ ارتقبهم منتظراً ما أُحِلَّ بهم في الدنيا من العذاب والصَّغار، فظهر ذلك في يوم بدر وغيره، حتى استأصل الله تعالى شأفتهم، وأسكت نامتهم.
﴿أمهلهم رويداً﴾ أي: إمهالاً يسيراً. و"رويداً" نصبٌ على المصدر (١).
قال ابن قتيبة (٢) : لا يُتكلم برويداً إلا مُصغّرة مأموراً بها، وجاءت في الشعر بغير تصغير في غير [معنى] (٣) الأمر.
وأنشد الكسائي:
تكادُ لا تَكْلِمُ البطحاءَ خُطْوَتُهُ... كأنه ثَمِلٌ يمشي على رُود (٤)
وبعض المفسرين يقول: الإمهال منسوخ بآية السيف (٥). ولا مدخل للنسخ هاهنا، على ما قررنا في غير موضع. [والله أعلم] (٦).
(٢)... تأويل مشكل القرآن (ص: ٥٥٩).
(٣)... زيادة من تأويل مشكل القرآن (ص: ٥٥٩).
(٤)... البيت للجموح الظفري، وهو في: اللسان (مادة: رود)، وابن يعيش (٤/٢٩)، وشرح القصائد السبع لابن الأنباري (ص: ٤٠٣)، والدر المصون (٦/٥٠٨)، وتاج العروس (مادة: رود).
(٥)... انظر دعوى النسخ في: الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص: ١٩٦)، والناسخ والمنسوخ لابن حزم (ص: ٦٥)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي (ص: ٥٠٦).
(٦)... بياض في الأصل قدر كلمتين. والزيادة من ب.
(١/٥٨٥)