ومن تَلَمَّحَ شأنَ الإنسان، وتَصَفَّحَ أحوالَ سائر الحيوان، وتطلّب ما استودع من الحِكم البديعة وأُلهم من الطرق التي يهتدي بها إلى مصالحه رأى عجائب.
ويحكى: أن الأفعى إذا أتت عليها ألف سنة عميت، وقد ألهمها الله تعالى أن سبب شفائها حكُّ عينيها بورق الرَّازْيَانج الغضّ، وربما كانت في فلاة نائية عن الريف، فتطوي تلك المسافة عمياء، حتى تهجم على بعض البساتين فتحك عينيها بورق الرَّازْيَانج الغضّ، فترجع بصيرة بإذن الله تعالى (١).
وقال مجاهد وغيره: قدَّر الشقاوة والسعادة (٢)، فهدى من [شاء] (٣) إلى ما شاء منهما.
وقال السدي: قَدَّرَ مدة الجنين في رحم أمه، ثم هداه للخروج (٤).
وقال مقاتل (٥) : قدَّرهم ذكوراً وإناثاً، وهدى الذَّكر لإتيان الأنثى.
قال صاحب النظم: إتيان ذكران الحيوان يختلف؛ لاختلاف الصور والخلق والهيئات، فلولا أنه عز وجل جبل كل ذكر على معرفة كيف يأتي أنثاه لما اهتدى لذلك (٦).

(١)... ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/٧٣٩).
(٢)... أخرجه مجاهد (ص: ٧٥١)، والطبري (٣٠/١٥٢)، وابن أبي حاتم (١٠/٣٤١٦). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٨/٤٨٢) وعزاه للفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣)... في الأصل: يشاء. والمثبت من ب.
(٤)... ذكره الواحدي في الوسيط (٤/٤٧٠)، وابن الجوزي في زاد المسير (٩/٨٨).
(٥)... تفسير مقاتل (٣/٤٧٦).
(٦)... ذكره الواحدي في الوسيط (٤/٤٧٠).
(١/٥٨٨)


الصفحة التالية
Icon