أن يكون المفعول محذوفاً، فتقديره: خلق كل شيء.
ثم خصَّصَ جنس الإنسان بالذكر؛ لشرفه، وكونه المخاطب بالتكاليف فقال: ﴿خلق الإنسان من علق﴾.
وقوله: ﴿من علق﴾ على جمع علقة، تدل على إرادة جنس الإنسان.
قوله تعالى: ﴿اقرأ﴾ [تكرير] (١) توكيد. ثم استأنف فقال: ﴿وربك الأكرم﴾ أي: الذي لا نظير له في كرمه.
وفي قوله: ﴿الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم﴾ عقيب قوله: ﴿الأكرم﴾ تنبيهٌ على أن إفادة العلم كرم محض، وتنبيهٌ على فضل علم الكتابة؛ لما فيه من المنافع التي لا يحيط بها علماً سوى الله عز وجل، وبه انتظام علم الدنيا والآخرة. وقد ذكرت في سورة "نون" طرفاً من فضائل القلم.
ومن بديع ما سمعت فيه ما أنشدنيه صاحبنا أبو نصر بن عثمان بن خليفة الموصلي الحنبلي لنفسه:
أيُّها الصاحبُ الكريمُ ومنْ... أصبحَ زيْنَ الكُتَّابِ والأصْحَاب
بيَرَاعٍ ريعَتْ له نُوبُ الدَّهْر... وهانتْ به جميعُ الصِّعَاب
وإذا ما يشاءُ أمراً فلا يَحْفَلْ... يوماً بالصَّارمِ القِرْضَاب
فهو يَجْزِي للأولياء بأرْيٍ... ولأعدائه بشَرْيٍ وَصَاب
أقسمَ اللهُ باسمه وكَفَاهُ... [مَفْخَرَاً] (٢) إذْ أتى بنصِّ الكِتَاب

(١)... في الأصل: تكير. والتصويب من ب.
(٢)... في الأصل: فخراً. والمثبت من ب.
(١/٦٨١)


الصفحة التالية
Icon