هي تركض فسقطت عنها ثيابها، فنظر برصيصا إلى شيء لم ينظر إلى مثله حُسْناً وجمالاً، فأتاه الشيطان فقال له: ويحك واقِعْها فلن تجد مثلها، وتتوب بعد ذلك، فتُدْرِك الأمر الذي تريد، فلم يزل به حتى واقعها، وضَرَبَ على أذنه، فلم يزل يختلف إليها إلى أن حملت، فقال له الشيطان: ويحك يا برصيصا لقد انفضحت (١)، فهل لك أن تقتل هذه وتتوب، فإن سألوك عنها قلت: جاء شيطانها فذهب بها، فلم يزل به حتى قتلها ودفنها، ثم رجع إلى صومعته فأقبل على عبادته (٢)، فجاءه إخوتها يسألونه عنها فقال: جاءها شيطانها فذهب بها ولم أُطِقْه، فصدَّقُوه وانصرفوا.
وفي بعض الروايات أنه قال: فدعوت الله لها فعافاها ورجعت إليكم، فتفرّقوا ينظرون لها أثراً، فلما أمسوا جاء الشيطان إلى كبيرهم في منامه فقال: ويحك، إن برصيصا فعل بأختك كذا وكذا، وإنه دفنها في موضع كذا وكذا من جبل كذا، فقال: هذا حلم، فبرصيصا خيرٌ من ذلك، فتتابع عليه ثلاث ليال ولا يكترث، فانطلق إلى الأوسط كذلك، ثم إلى الأصغر بمثل ذلك، فقال الأصغر لإخوته: لقد رأيت كذا وكذا، فقال الأوسط: وأنا والله، فقال الأكبر: وأنا والله، فأتوا برصيصا فسألوه عنها، فقال: قد أعلمتكم بحالها فكأنكم اتهمتموني؟ قالوا: لا والله، واستحيوا وانصرفوا. فجاءهم الشيطان فقال: ويحكم إنها لمدفونة في موضع كذا وكذا وإن إزارها لخارج من التراب، فانطلقوا فحفروا فرأوا أختهم، فقالوا: يا عدو

(١)... في ب: قد افتضحت.
(٢)... في ب: صلاته.
(١/٦٩)


الصفحة التالية
Icon