والمعنى: قد كان لكم يا حاطب ومن عساه كان على مثل مذهبه اقتداءٌ حسن ﴿في إبراهيم والذين معه﴾ وهم الأنبياء. وقيل: المؤمنون، ﴿إذ قالوا لقومهم﴾ حين باينوهم في الدين.
وما بعده ظاهر إلى قوله: ﴿إلا قول إبراهيم لأبيه﴾ قال ابن عباس: كانت لكم أسوةٌ حسنة في صنع إبراهيم، إلا في استغفاره لأبيه وهو مشرك (١).
قال مجاهد: نُهوا أن يتأسوا بإبراهيم في استغفاره للمشركين (٢). وقد ذكرنا ذلك في أواخر براءة (٣)، وأواخر إبراهيم (٤).
﴿وما أملك﴾ من تمام قول إبراهيم لأبيه، أي: ما أملك ﴿لك من الله من شيء﴾ سوى أني أستغفر لك. فأما الهداية [والإضلال] (٥) فإليه سبحانه، أو ما أقدر أن أدفع عنك من عذاب الله شيئاً إن كفرتَ به.
وقوله: ﴿ربنا عليك توكلنا﴾ وما في حيزه من تمام الأسوة الحسنة.
ويجوز أن يكون المعنى: قولوا: ربنا، فيكون من تمام ما وقعت الوصية به من قطع العلائق بين المؤمنين والكافرين.

(١)... أخرجه ابن أبي حاتم (١٠/٣٣٤٩)، والحاكم (٢/٥٢٧ ح٣٨٠٣). وذكره السيوطي في الدر (٨/١٢٩) وعزاه ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه.
(٢)... أخرجه مجاهد (ص: ٦٦٧)، والطبري (٢٨/٦٣). وذكره السيوطي في الدر (٨/١٢٩) وعزاه لعبد بن حميد.
(٣)... سورة التوبة، عند الآية رقم: ١١٤.
(٤)... عند الآية رقم: ٤١.
(٥)... في الأصل: والضلال. والمثبت من ب.
(١/٨٥)


الصفحة التالية
Icon