عليه (١) : يجوز في الصلح رَدُّ من جاءه من أهل الحرب من الرجال؛ لأن النبي - ﷺ - شَرَطَ ذلك في صلح الحديبية، ولا يجوز رَدُّ النساء المسلمات؛ لقول الله تعالى: ﴿فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار﴾.
ولأنه لا يؤمن أن تُزوَّج بمشرك.
ولا يجوز رد الصبيان العقلاء؛ لأنهم بمنزلة النساء في ضعف قلوبهم، وقلّة معرفتهم، فلا يؤمن أن يفتتنوا عن دينهم.
وإن شرط ردّ الرجال لزم الوفاء لهم، بمعنى: أنهم إن جاؤوا في طلب من جاء منهم لم يُمنعوا من أخذه، ولا يجبره الإمام على الرجوع معهم، وله أن يأمره سِرًّا بالفرار منهم وقتالهم؛ لقصة أبي بصير (٢).
وإن جاءت امرأةٌ مسلمة لم يجز ردّها، ولا يجب ردّ مهرها؛ لأن بُضْعَها لا يدخل في الأمان. وإنما رَدَّ النبي - ﷺ - المهر؛ لأنه شرط ردّ النساء، وكان شرطاً صحيحاً، فلما فُسخ ذلك وجب رد البدل؛ لصحة الشرط، بخلاف حكم من بعده.
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢)
(٢)... انظر: صحيح البخاري (٢/٩٧٩).
(١/٩٩)