أ. قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ أهْلَهَا شِيَعًا﴾، أي: " فرقاً. قال قتادة: فرّق بين بني إسرائيل والقبط، والمعنى يكرم قوماً ويذل آخرين بالاستبعاد والأعمال الشاقة. وقيل: جعل إسرائيل أصنافاً في الخدمة والتسخير " ((١))، فهذه التفرقة العنصرية كانت سبباً أيضاً في هلاك دولته فجعل هناك تمايز طبقي بين الأقباط وبين بني إسرائيل، فكان يرى ويرى الأقباط معه أن مصر هي ملك لهم، وما وجود بني إسرائيل إلا لخدمتهم في هذه الحياة، فجعل من مملكته فرقاً مختلفة، وجعل منهم شيعاً مقربين منه، والقسم الآخر ناصبهم العداء، وجعل بين الطائفتين العداوة والبغضاء ليسهل له السيطرة عليهم جميعاً.
ب. ﴿يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ﴾، يعني بني إسرائيل بالاستبعاد والأعمال القذرة، فجعل من هذه الطائفة محقّرة مهتضمة الحقوق لا مساواة بينها وبين الأقباط مع أنهما يسكنان في أرض واحدة وتحت سماء واحدة. والسبب في ذلك لأنه يرى أنهم غرباء عنه في النسب والدين، لأنهم كانوا يعتقدون بعقيدة تختلف عن عقيدته هو وقومه، فهم يدينون بدين جدهم إبراهيم وأبيهم يعقوب ـ عَلَيْهما السَّلام ـ، فهم يعتقدون بإله واحد هو الله، وينكرون ألوهية فرعون، وكذلك أحسَّ فرعون أن هناك خطراً على عرشه من وجود هذه الطائفة في مصر، ولم يكن يستطيع أن يطردهم منها، فهم جماعة كبيرة قد يتحالفون مع أعدائه من دول الجوار الذين كانت تقوم بينهم وبين فرعون حروباً. فاحتقرهم ولم يجعل لهم دوراً في الحياة السياسية والإدارية في مصر، فجعل منهم خدماً، وفرض عليهم الضرائب الباهظة، وكلفهم بالأعمال الشاقة.
٤. التصفية الجسدية:
﴿يُذَبِّحُ أبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ انَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾