المطلب الثاني: تجبر قارون واستكباره
﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنْ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلاَ يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمْ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلاَ يُلَقَّاهَا إِلاَ الصَّابِرُونَ﴾ ((١)).
المناسبة
لما كان ترك الفرح في قوله تعالى: ﴿انَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ سبباً للزهد، وهو سبب للقرب إلى الله، كأنه قيل: وازهد فيه إن الله يحب الزاهدين ((٢))، فقال تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ﴾.
ومن الواضح أن كفره سول له البقاء على ذلك والعياذ بالله تعالى، فخسف الله به وبداره الأرض جزاءً وفاقاً لكفره وتكبره على ما أخبرنا عز وجل في سورة القصص في الآيات التي نحللها هنا.
تحليل الألفاظ
١. ﴿وَابْتَغِ﴾ :
بَغَى الشيءَ ما كان خيرا أو شراً يَبغِيه بُغاءٍ وبُغىً: طَلَبَه، وبغى ضالّته وكذلك كل طَلبِة، بُغاءً بالضم والمد وبُغايةً.
وقال اللحياني: بَغَى الرجلُ الخير والشر وكلّ ما يطلبه بُغاءً وبِغيَة وبِغّى مقصور والبُغْيَهُ: الحاجة. وقال الأصمعي: بَغَى الرجلُ حاجته أو ضالته يَبغْيها بُغاءً وبُغايةً إذا طلبها ((٣)).
٢. ﴿وَلاَ تَنسَ﴾ :
(٢) نظم الدرر: ٥/ ٥١٨.
(٣) لِسَان العَرَب: مَادة (بغي) ١٤/ ٧٥ -٧٦.