وذكر البقاعي أن المراد بقوله: ﴿وَلَمَّا وَرَدَ﴾ " أي: حضر سيدنا موسى (- عليه السلام -) حضور من يشرب" ((١)). وذكر الآلوسي " أن الورد بمعنى الدخول وبمعنى الشرب" (٢)
والذي أراه أن المراد بالورود في هذه الآية هو الوصول إلى مكان الماء، ولا يدل أبداً على معنى الشرب في هذه الآية، فسياق الآية يصور المشهد وكأنك تراه، ففي الآية السابقة ذكر جل وعلا ﴿وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ﴾ أي: جهتها وقبل الوصول إلى الماء. وفي هذه الآية يبين جل وعلا أن سيدنا موسى (- عليه السلام -) وصل ماء مدين، فالسياق القرآني يتابع هجرة سيدنا موسى (- عليه السلام -) مرحلة مرحلة، وهذه الآيات تنقل قارئ القرآن إلى مشهد وصوله إلى الماء.
﴿مَاءَ مَدْيَنَ﴾ بئر كانوا يسقون منه ((٣)) ﴿وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ﴾.
" وجد فوق شفيره ومستقاه " ((٤)) والمراد بالأمة كما بينا في التحليل اللغوي للألفاظ جماعة كثير يجمعهم أمر واحد وهو سقيهم للمواشي في مكان واحد وهو البئر ﴿يَسْقُونَ﴾، أي: ماشيتهم ((٥))، ولم يبين نوع الماشية. والظاهر أنهم كانوا يسقون مواشي مختلفة لم يبينها النص القرآني، لأن المهم في سياق القصة السقي لا المسقي.
﴿وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ﴾. قال النسفي: " في مكان أسفل من مكانهم " ((٦)). وقال القرطبي: " معناه ناحية إلى الجهة التي جاء منها، فوصل إلى المرأتين قبل وصوله إلى الأمة " ((٧)).

(١) نظم الدرر: ٥/٤٧٥
(٢) روح المعاني: ٢٠/٥٩
(٣) روح المعاني: ٢٠/٥٩
(٤) الكَشَّاف: ٣ /١٧٠.
(٥) المصدر نفسه: ٦ /٤٩٨٤.
(٦) مدارك التنزيل: ٣/ ٢٣١.
(٧) الجامع لأحكام القران: ٦/ ٤٩٨٤.


الصفحة التالية
Icon