قال تعالى قبل هذه الآيات: ﴿فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ ((١)) " ولما كان سماعهما لقوله هذا مع إحسانه إليهما سبباً لدعاء شعيب (- عليه السلام -) قال بانياً على ما تقديره: فذهبت المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه بخبرهما وبإحسانه إليهما، فأمر بدعائه ليكافئه، قال تعالى: ﴿فَجَاءَتْهُ﴾، أي: بسبب قول الأب، وعلى الفور " ((٢)). فجاءت فاء التعقيب في قوله تعالى:
﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾ مشعرةً باستجابة الله له بأن ألهم شعيباً أن يرسل وراءه لينزله عنده ويزوجه ابنته ((٣)).
فنلاحظ مرة أخرى الإعجاز القرآني في استخدام الحروف في مواضعها بحيث تغني عن جمل كثيرة، ونلاحظ كذلك التناسب في موارد مجيء الحروف في الجمل القرآنية، ونرى كيف أن هذه الآية جاءت متناسقة متناسبة مع الآية التي سبقتها في كمال المعنى واكتماله.
تحليل الألفاظ
١. ﴿اسْتِحْيَاءٍ﴾ :
الحياء التوبة والحِشْمَة، وقد حَيَي منه حَيَاء واسْتحيا واسْتَحَى، حذفوا الياء الأخيرة كراهية التقاء الياءين، والأخيرتان تتعديان بحرف وبغير حرف يقولون: اسْتَحياء منك واسْتَحْياك، واسْتَحَى منك واسْتَحَاك قال ابن بري: شاهد الحياء بمعنى الاسْتحياء ((٤)). وقال الراغب الأصفهاني: الحياء انقباض النفس عن القبائح وتركها
((٥)).
٢. ﴿لِيَجْزِيَكَ﴾ :

(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٢٤.
(٢) نظم الدر: ٥/ ٤٧٥.
(٣) ينظر التحرير والتنوير: ٢٠/ ١٠٣.
(٤) ينظر لسان العرب: مادة (حيي) ١٤/ ٢١٧.
(٥) معجم مفردات ألفاظ القران: ١٤٠.


الصفحة التالية
Icon