٣. الإيجاز ((١)) في قوله تعالى: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ﴾ إيجاز بليغ:
فان معنى شق عليه الأمر مترجح بين اليأس والرجاء، وفيه إيماء إلى أولئك المعاسرين الذين يكلفون عمالهم أعمالاً تربو على طوقهم وتتجاوز حدود قدرتهم المعهودة، وعلى هذا درجت الشرائع في حسن المعاملة والأخذ بالأسهل ((٢)).
المعنى العام
﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾
ذكر الطبري أنه جاءت إحدى المرأتين اللتين سقى لهما تمشي على استحياء من موسى وقد سترت وجهها بثوبها، وعن سيدنا عمر بن الخطاب (- رضي الله عنه -) قال:
((مستترة بكم درعها، أو بكم قميصها)) ((٣)).
﴿قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ قال الآلوسي: " وأسندت الدعوة إلى أبيها وعللتها بالجزاء لئلا يوهم كلامها ريبة، وفيه من الدلالة على كمال العقل والحياء والعفة ما لا يخفى. فقام معها موسى (- عليه السلام -)، فقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطريق، فإني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف جسدك " ((٤)).
﴿فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾
قال ابن عطية: " فوصل موسى (- عليه السلام -) إلى داعيه، فقص إليه أمره من أوله إلى أخره، فآنسه بقوله: لا تخف من القوم الظالمين، وكانت مدين خارجة عن مملكة فرعون " ((٥)).
شبه وردها
(٢) إعراب القران وبيانه وصرفه: ٥/ ٣١٠.
(٣) جامع البيان: ١٠/ ٥٨.
(٤) روح المعاني: ٢٠ /٥٩.
(٥) المحرر الوجيز: ١٢/ ١٦٠.