٢. ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ﴾، فقد أورد الزمخشري ما في هذه الآية من فنون الإعجاز البلاغي " قلت: فيه معنيان: أحدهما أن موسى (- عليه السلام -) لما قلب الله العصا حية فزع واضطرب فاتقاها بيده كما يفعل الخائف من الشيء، فقيل له: إن اتقاءك بيدك فيه غضاضة عند الأعداء فإذا ألقيتها فكما تنقلب حية فادخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها، ثم أخرجها بيضاء ليحصل الأمران اجتناب ما هو غضاضة عليك، وإظهار معجزة أخرى، والمراد بالجناح اليد، لأن يدي الإنسان بمنزلة جناحي الطائر، وإذا أدخل يده اليمنى تحت عضد يده اليسرى، فقد ضم جناحه إليه. والثاني أن يراه بضم جناحه إليه تجلده وضبط نفسه، وتشدده عند انقلاب العصا حية، حتى لا يضطرب ولا يرهب، استعارة من فعل الطائر لأنه إذا خوف نشر جناحيه وأرخاهما، وإلا فجناحاه مضمومان إليه مشمران، ومعنى
﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ﴾، وقوله: ﴿اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ﴾ على أحد التفسيرين واحد، ولكن خولف بين العبارتين، وإنما كرر المعنى الواحد لاختلاف الغرضين، فالغرض في أحدهما خروج اليد بيضاء، وفي الثاني إخفاء الرهب. فإن قلت: قد جعل الجناح وهو اليد في أحد الموضعين مضموماً، وفي الآخر مضموماً إليه، وذلك قوله: ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ﴾. وقوله: {واضمم يدك إلى جناحك فالتوفيق؟ قلت: المراد بالجناح المضموم هو اليد اليمنى، والمضموم إليه اليد اليسرى، وكل واحد من يمنى اليد ويسراهما جناح " ((١)).
فيمكن أن نستنتج أن في هذه الآية تكرير حيث كرر المعنى الواحد لاختلاف الغرضين، وذلك أن الغرض في أحدهما خروج اليد بيضاء، وفي الثاني إخفاء الرهب.
وقال ابن عاشور: " وادعاء أن يكون التكرير لاختلاف الغرض من الأول والثاني كما في الكشاف بعيد " ((٢)).
(٢) التحرير والتنوير: ٢٠/ ١١٤.