قال في القصص: ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنْ الرَّهْبِ﴾، ولم يذكر مثل ذلك في سورة النمل، والرهب هو الخوف، وهو مناسب لجو الخوف الذي تردد في القصة، ومناسب لجو التفصيل فيها ((١)).
يقول الباحث: بعد هذا العرض لأوجه الاختلاف بين هذين النصين يمكن أن نقول أن ذلك يعود إلى ثلاثة أسباب:
السبب الأول ـ هو أن سورة القصص جاءت مفصلة استوعبت كلّ جوانب حياة سيدنا موسى تقريباً، بينما وردت هذه القصة بصورة مجملة في سورة النمل، فكان ذلك سبباً من أسباب الاختلاف.
السبب الثاني ـ طابع الخوف الذي كان سمة من سمات سوره القصص فكان سبباً أخراً من أسباب الاختلاف.
السبب الثالث ـ إن المقام في سورة النمل مقام تكريم لسيدنا موسى (- عليه السلام -) أوضح مما هو في القصص ((٢)).
ففي سورة القصص كان جو القصة مطبوعاً بطابع الخوف، وفيما يأتي جرد لعبارات الخوف التي جاءت في سُوْرَة الْقَصَصِ:
فقد خافت أم موسى (- عليه السلام -) على ولدها من فرعون وملائه قال تعالى:
﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي﴾ ((٣)).
ومن شدة الخوف اصبح فؤادها فارغاً من الحزن قال تعالى: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلاَ أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾ ((٤)).
خوفه بعد قتل القبطي: ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ ((٥)).
وبعد خروجه من مصر قال تعالى: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ ((٦)).
(٢) المصدر نفسه: ص ٧٠.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٧.
(٤) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ١٠.
(٥) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ١٨.
(٦) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٢١.