وقال الرازي في تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ﴾ :
" من ثواب على تمسكه بالحق أو من عقاب، وعاقبة الدار هي العاقبة المحمودة، والدليل عليه قوله تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ ((١)). وقوله: ﴿وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ﴾ ((٢))، والمراد بالدار الدنيا وعاقبتها وعقابها أن يختم للعبد بالرحمة والرضوان، وتلقي الملائكة بالبشرى عند الموت، فإن قيل: العاقبة المحمودة والمذمومة كلتاهما يصح أن تسمى عاقبة الدار، لأن الدنيا قد تكون خاتمتها خير في حق البعض، وشر في حق البعض الآخر، فلم اختصت خاتمتها بالخير في هذه التسمية دون خاتمتها بالشر؟ قلنا: إنه قد وضع الله سبحانه وتعالى الدنيا مجازاً إلى الآخرة، وأمر عباده أن لا يعملوا فيها إلا الخير ليبلغوا خاتمة الخير وعاقبة الخير، وأما عاقبة السوء فلا اعتداد بها لأنها من نتائج تحريف الفجار، ثُمَّ إنه (- عليه السلام -) أكد ذلك بقوله: ﴿إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾، أي: لا يظفرون بالفوز والنجاة والمنافع، بل يحصلون على ضد ذلك، وهذا نهاية في زجرهم عن العناد الذي ظهر منهم " ((٣)).
ما يستفاد من النص

(١) سُوْرَة الرَّعْدِ: الآيتان ٢٢ -٢٣.
(٢) سُوْرَة الرَّعْدِ: الآية ٤٢.
(٣) مفاتيح الغيب: ١٢ / ٣٥١.


الصفحة التالية
Icon