أولاً ـ في هذه الآية بشرى من البشارات القرآنية لانتصار المسلمين على أعدائهم، وذلك قوله تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾، وهذه الآية نظير ما جاء في سورة الأعراف من قول موسى لقومه: ﴿اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ ((١)).
فمن السنن الإلهية التي لا تنتهي أبداً هي أن العاقبة الحسنة للمتقين في الدنيا والآخرة، وليست مقصورة على الآخرة بدخول الجنان، وإنما تشمل عاقبتهم الحسنة المرضية في الدنيا، وتشمل انتصارهم على أعدائهم وإزالة الظلم عنهم، واسترداد حقوقهم، وعزتهم وكرامتهم، وعلو مكانتهم. وهذه العاقبة الحسنة هي للمتقين من عباده، وهم القائمون بكل مقتضيات ولوازم العبودية لله، والتي هي عبادة الله وحده لا شريك له، وتنفيذ ما أمر الله به، والابتعاد عمّا نهى عنه، وتحكيم شرع الله، وإقامة المجتمع الصالح القائم على الأخلاق الفاضلة التي ربى عليها الإسلام الجيل الأول ((٢)).
ودلت كذلك على الاستعانة بالله في جميع الأحوال وجمع الكلمة، ولا ينبغي للمسلم أن ييأس أبداً.
(٢) ينظر المستفاد من قصص القران: ١/ ٣٧٥.