ثم يأتي النص القرآني والذي نحن بصدد تحليله ليبين في الجانب الآخر رد فرعون على مقالة موسى بمقالة تدل على الجهل ونقصان العقل ليؤكد النص القرآني على أنه بلغ غاية لا حد لها في الإنكار، وأنه لا مطمع في إيمانه لعتوه وطغيانه واستكباره في الأرض، وما جرى له من العذاب في الدنيا والآخرة. قال تعالى: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأَ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنْ الْكَاذِبِينَ﴾ ((١)). فأراد النص القرآني في هذا المقطع أن يبين الفرق بين رد أهل الحق المتمثل في قول موسى المتفائل بنصر الله والمتوكل على الله، ورد فرعون المتكبر الظالم وليبين لنا بوضوح الفرق بين أخلاق الأنبياء، وبين أخلاق أعداء الله.
تحليل الألفاظ
﴿صَرْحًا﴾ :
الصَّرْح بيت واحد يبنى منفرداً ضخماً طويلاً في السماء. وقيل: هو القصر. وقيل: هو كل بناء مرتفع. وقال الزجاج: الصَّرح في اللغة القصر والصحن ((٢)). وقال الراغب الأصفهاني: " وهو بيت عالي مزوق سمي بذلك اعتباراً بكونه صرحاً عن الشوب، أي: خالصاً " ((٣)).
وقال الآلوسي هو: " بناء مكشوف عالياً، من صرح الشيء إذا ظهر " ((٤)).
وقال ابن عاشور هو: " القصر المرتفع " ((٥)).
القراءات القرآنية
١. ﴿لَعَلِّي﴾ :
قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر بالفتح:
(لَعَلَى) ((٦))
٢. ﴿لاَ يُرْجَعُونَ﴾ :
(٢) لِسَان العَرَب: مَادة (صرح) ٢/ ٥١١.
(٣) معجم مفردات ألفاظ القرآن: ص ٢٨٧.
(٤) روح المعاني: ٢٠/ ٨٠.
(٥) التحرير والتنوير: ٢٠/ ١٢٣.
(٦) ينظر الإقناع في القراءات السبع: ٢/ ٧٢١.