قرأ حمزة، والكسائي، ونافع: (لاَ يَرْجِعُون) مبيناً للفاعل والجهور مبيناً للمفعول ((١)).
القضايا البلاغية
في قوله تعالى: ﴿فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ﴾ فيها إطناب ((٢)) بديع، وذلك أنه لم يقل: اطبخ لي الآجر، وذلك ليتفادى ذكر كلمة الآجر لأن تركيبها على سهولة لفظه ليس فصيحاً، وذلك امر يقرره الذوق وحده، فعبر عن الآجر بالوقود على الطين لأن هذه العبارة أحسن مطابقة لفصاحة القرآن، وعلو طبقته، وأشبه بكلام الجبابرة، وأمر هامان وهو وزيره ورديفه بالإيقاد على الطين، منادى باسمه بـ (يا) في وسط الكلام دليل التعظيم والتجبر، وقد اشتملت هذه العبارة على الكثير من ألفاظ الجبابرة العتاة، وذلك على الوجه الآتي:
نادى وزيره بحرف النداء.
توسيط ندائه خلال الأمر وبناء الصرح.
رجاؤه الإطلاع إلى الله.
الغباء الذي يلازم الجبابرة العتاة، إذ يقعون في التناقض من حيث لا يشعرون، فقد صرح قبل قليل بقوله: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾، فعرب عن نفي المعلوم بنفي العلم، وأعلن تصميمه على الجحود، ثُمَّ ما عتم أن أعلن رجاءه الإطلاع، فهل كان مصمماً على الجحود أم لم يكن ((٣)) ؟
المعنى العام
﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأَ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾
(٢) الإطناب: هو البلاغة في المنطق والوصف مدحاً كان أو ذماً، وأطنب في الكلام بالغ فيه. ينظر معجم المصطلحات البلاغية: ١ /٢٢٤.
(٣) ينظر الكَشَّاف: ٣ /١٧٩ –١٨٠. إعراب القرآن وبيانه وصرفه: ٥ /٢٣١.