ودل قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ﴾ الآية، على الدعوة بالابتعاد عن اللغو، والابتعاد عن الدخول في المنافسات والجدال العقيم في مسائل أخلاقية غير مهمة والابتعاد عن مجادلة الجهلة لأن الجدل مع أهل اللغو لغو، والتركيز على كلّ ما يربط الإنسان بخالقه.
نستدل من الآيات على أن الكفر برسالة بمحمد (- ﷺ -) يدخل اليهود والنصارى في الكفر ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ﴾ ((١)) ما دامت الدعوة قد بلغتهم على اختلاف مشاربهم المذهبية.
المطلب الثالث: الهداية البيانية والهداية التوفيقية
﴿إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ ((٢)).
المناسبة
فيما مرّ من الآيات السابقات تم استعراض نموذجاً من الذين نزل عليهم الوحي، وبلغتهم دعوة المصطفى (- ﷺ -) النموذج الأول المتمثل في كفار قريش الذين كانوا يمارون بغير حقّ، ويأتون بالحجج لا ليؤمنوا كقولهم: ﴿لَوْلاَ أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى﴾، فبين الَقُرْآن الكَرِيم أنهم لم يكونوا صادقين في حجتهم بقوله تعالى: ﴿أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ﴾، والنموذج الآخر هو فريق من الذين أوتوا الكتاب ممن استقام طبعهم، وخلصت نيتهم، فبين الَقُرْآن الكَرِيم طريقة استقبالهم للقرآن المصدق لما بين أيديهم، فقال تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ﴾.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٥٦.