العُقَيْلِيُّ بالأَلَف وَرَفْعِ الكَاف، على مَعْنَى :" هُوَ مَالِك ".
وقرأَ يَحْيَى بنُ يَعْمُر " مالك " بالإمالة والإضجاع البليغ.
وقرأ أيُّوبُ السَّخْتيَانِيّ : بَيْنَ الإمَالةِ والتّفْخِيم، ورواها قُتَيْبَةُ عنِ الكِسَائي.
وقرأ الحَسَنُ " مَلَك يَوْمَ الدِّين " على الفِعْلِ، وهو اختيارُ أبِي حَنِيفَة - رضي الله تعالى عنه - ورُويتْ أيضاً عَنْ أَبِي حَيْوَة، ويَحيَى بن يعمر فمما رجحت به قراءة " مَالِكِ " أَنَّها أمْدَحُ ؛ لعُمُوم إضافَتِه، إذ يُقالُ :" مَالِكُ الجِنِّ، والإِنْسِ، والطَّيْرِ " ولا يُقالُ :" مَلِك الطّيْرِ "، وأنشدوا على ذلك :[الكامل] ٥٠ - سُبْحَانَ مَنْ عَنَتِ [الوُجُوهُ] لِوَجْهِهِ
مَلِكِ المُلُوكِ وَمَالِكِ العَفْوِ
جزء : ١ رقم الصفحة : ١٨٤
وقالُوا : فُلاَنُ مَالِك كَذَا، لِمَنْ يَمْلِكُه، بخلافِ مَلِك فَإِنَّهُ يُضَافُ إلى غَيرِ المُلُوكِ
١٨٧
نحو :" مَلِكِ العَرَب، والعَجَمِ "، ولأَنَّ الزيادةَ في البناءِ تَدُّلُّ على الزيادةِ في المعنى، كما تقدم في " الرحمن " ولأنَّ ثواب تالِيها أَكثرُ من ثوابِ تَالِي " مَلِك ".
ومما رُجِّحَتْ به قراءَةُ " مَلِكِ " ما حكاه الفَارسيّ، عن ابن السّرَّاجِ، عَنْ بَعْضِهِم : أنه وصف [نَفْسَه] بِأنه مَالِكُ كُلِّ شَيْءٍ، بقوله :" رَبِّ العَالَمينَ "، فَلا فَائِدَةَ في قراءَةِ مَنْ قَرَأَ " مَالِكِ " ؛ لأنها تَكْرَارٌ.
قال أَبُو عَليٍّ : ولا حُجَّةَ فِيه ؛ لأنَّ في التَّنْزِيلِ مِثْلهُ كَثِيرٌ، يَذْكُرُ العَامَُّ، ثُمَّ الخَاصُّ ؛ نحو :﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِىءُ الْمُصَوِّرُ﴾ [الحشر : ٢٤].
وقال حَاتم :" مَالِكِ " أَبْلَغُ في مَدْحِ الخَالِقِ، و " مَلِكِ " أَبْلَغ في مَدْحِ المَخْلُوقِ، والفرق بَيْنَهُمَا : اَنَّ المَالِكَ مِنَ المخلوقين قد يَكُونُ غيرَ مَلِكٍ، وإذا كَانَ اللهُ - تعالى - مَلِكاً كان مالكاً [أيضاً] واختاره ابنُ العَرَبيِّ.
ومِنْهَا : أَنَّها أَعَمُّ إذ تُضَافُ للملوكِ وغَيْرِ المَمْلوكِ، بخلاف " مَالِكِ " فإنه لا يُضَاف إلاَّ لِلْمملوكِ كما تقدم، ولإشْعَارِه بالكثرةِ، ولأنه تَمَدَّحَ تعالى - بقوله تعالى - " مَالِكِ المُلْكِ "، وبقوله تعالى :﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ﴾ [آل عمران : ٢٦]، ومَلِكق مأخوذٌ منه [كما تقدّم، ولم يمتدح بـ " مالك المِلْك " بكسر الميم الذي " مالك " مأخوذ منه].
وقال قَوْمٌ :" مَعْنَاهُمَا : واحِدٌ ؛ مثلُ : فَرِهين وفَارِهِين، وحَذِرِين وحَاذِرِين ".
ويُقالُ : المَلِكِ والمالِكِ : هو القَادِرُ على اختراع الأعيان من العَدَمِ إلى الوجود، ولا يَقْدِرُ عليه
١٨٨
أحد غير الله تعالى.
وجمع " مَالِكِ " : مُلاَّك ومُلَّك، وجَمْعُ " مَلِك " : أَمْلاَك ومُلُوك.
وقُرِىء :" مَلْك " بسكون اللاّم، ومنه قول الشاعر :[الوافر] ٥١
- وَأَيَّامٍ لَنَا غُرٍ طوَالٍ عَصَيْنَا المَلْكَ فِيهَا أَنْ نَدِينَا
كما يُقالُ : فَخِذٌ وفَخْذٌ، وجَمْعُه على هذا : أَمْلُك ومُلُوك، قاله مَكِّيٌّ رحمه الله.
و " مَلِيك "، ومنه : الكامل ٥٢ - فَاقْنَعْ بِمَا قَسَمَ المَلِيكُ فَإِنَّمَا
قَسَمَ الخَلاَئِقَ بَيْنَنَا عَلاَّمُهَا
جزء : ١ رقم الصفحة : ١٨٤
و " مَلَكي " بالإشْبَاعِ، وتُرْوَى عن نَافِع - رحمه الله -.
إذا عُرِفَ هذا فيكونُ " مَلِك " نعتاً لله - تعالى - ظاهراً، فإنه معرفة بالإضافة.
وأما " مَالِك " فإِنْ أُرِيدَ به مَعْنَى المُضّيِ، فجعلُه نَعْتاً واضِحٌ أيضاً ؛ لأن إضافَتَه مَحْضَة فيتعرَّفُ بها، ويُؤيّد كونَهُ ماضِيَ المَعْنَى قِراءةُ من قرأ :" مضلَكَ يَوْمَ الدِّينِ " فجعل " مَلَكَ " فِعْلاً مَاضِياً، وإن أُرِيد به الحالُ، أو الاستقبالُ [فَيُشَكِلُ ؛ لأنه : إِمَّا أنْ يُجْعَلَ نعتاً لله، ولا يجوزُ ؛ لأنَّ إضافَةَ اسمِ الفاعلِ بمعنى الحالِ، أو الاستقبال] غَيْرُ محضةٍ، فلا
١٨٩