وعن الشعبي : أن امرأة جاءت مع زوجها إلى شُريح في عَطِيَّة أعْطَتْهَا إيَّاهُ، وَهِيَ تطلب الرجوع، فقال شُرَيْح : رُدَّ عَلَيْهَا، فقال الرجل : أليس قد قال الله تعالى ﴿فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ﴾، فقال : لو طابت نفسها عنه ما رجعت فيه.
وروي عنه أيضاً : أقيلها فيما وهبت ولا أقليه ؛ لأنهن يخدعن.
وَرُوِيَ أنَّ رجلاً من آل أبي معيطٍ أعطته امرأته ألف دينار صداقاً كان لها عليه، فلبثت شهراً ثم طلقها، فخاصمته إلى عبد الملك بن مروان، فقال الرَّجُلُ : أعْطَتْنِي طيبة به نفسها، فقال عبدُ الملك : فإن الآية التي بَعْدَهَا ﴿فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً﴾ [النساء : ٢٠] أردد عليها.
وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه كتب إلى قُضاتِه : إن النساءَ يُعْطين رَغْبَةً ورهبة، وَأَيُّمَا امرأة أعطته ثم أرادت أن ترجع فذلك لها.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٧٠
أصل تُؤْتُوا تُؤتيوا : تُكْرِموا فاستثقلت الضمةُ على الياءِ وواو الضمير فحذفت الياء لئلا يلتقي ساكنان.
والسُّفَهاء جمع : سفيه، وعن مجاهد :" المراد بالسُّفَهاءِ " النِّسَاءِ مَنْ كُنَّ أزواجاً، أو بنات، أو أمهات، وضَعَّفَهُ بَعْضُهُم بأنَّ فَعِيلة إنَّما تُجْمَع على فَعَائلِ أوْ فَعِيلات، قاله [أبو البقاء] وابن عطية، وقد نقل بعضهم أنَّ سَفَيهةَ تُجْمَعُ : على " سُفَهَاءَ " كالمُذكَّر، وعلى هذا لا يَضْعُفُ قول مُجَاهِدٍ.
وجمعُ فَعِيلَةٍ ابن عطية جمع فَعِيلة بِفَعَائِلٍ، أوْ فَعِيلات ليس بظاهر، لأنَّهَا يَطَّرد فيها أيْضاً " فِعَال " نحو : كريمةٍ، وَكرامٍ، وظريفةً، وظِراف، وكذلك إطلاقهُ فَعِيلة، وَكَانَ مِنْ حَقِّه أنْ يقيِّدَها بألاَّ تكون بمعنى : مَفْعُولةٍ، تَحَرُّزاً من قتيلة فَإنَّها لا تُجْمَعُ على فَعَائِل.
والجمهورُ قرؤوا (الَّتِي) بلفظِ الإفراد صفةً للأمْوالِ، وإنْ كانت جَمْعاً ؛ لأنَّهُ تَقَدَّم أنَّ جمع ما لا يعقل من الكثرة، أو لم يكن له إلا جمعٌ واحدٌ، الأحسنُ فيه أنْ يُعَامَل مُعَاملةَ الوَاحِدَةِ المؤنَّثة، والأمْوالِ من هذا القبيل، لأنَّهَا جمعُ ما لا يُعْقل، ولم تُجْمَع إلاَّ على أفْعال، وإنْ كانت بلفظِ القِلَّةِ ؛ لأن المرادَ بها الكثرة.
١٧٩
وقرأ الحسن والنخعي " اللاتي " مطابقةٌ للفظ الجمع، وكان القياسُ ألاَّ يوصف بـ " اللاتي " إلا ما يوصفُ مفرده بـ " التي " والأموال لا يوصف مفردها وهو " مال " بـ " التي ".
وقال الفراء : العرب تقول في النِّساءِ " اللاتي " أو جمع " التي " نفسها.
قوله :" قياماً " إن قلنا : أن " جَعَلَ " بمعنى صَيَّرَ فـ " قياماً " مفعول ثانٍ، والأول محذوف، وهو عائد الموصول والتقدير : الَّتِي جعلها اللهُ، أي : صَيَّرَها لكم قياماً، وَإنْ قُلْنَا : إنها بمعنى " خلق " فـ " قياماً " حال، من ذلك العائد على المحذوف، والتقدير : جعلها أي : خلقها وأوجدها في حال كونها قياماً.
وقرأ نافع وابن عامر " قيماً "، وباقي السبعة " قياماً " وابن عمر " قِواماً " بكسر القاف، والحسن وعيسى بن عمر " قَواماً " بفتحها وَيُرْوَى عَنْ أبي عمرو، وقرئ " قِوَماً " بزنة " عِنب ".
فَأَمَّا قراءة نافع وابن عامر ففيها ثلاثة أوجه : أحدها : أن " قِيماً " مصدر كالقيام وليس مقصوراً منه قال الكسائِيُّ والأخْفشُ والفراء.
فهو مصدر بمعنى القيام الذي يُرادُ به الثباتُ والدَّوامُ، وقد رُدَّ هذا القولُ بأنه كان يَنْبَغِي أن تَصِحَّ الواو لتحضُنها بِتَوسُّطِها، كما صَحَّت واو " عِوَض " " وحِوَل "، وقد أجيبَ عنه بأنه تَبعَ فعله من الإعلال وكما أُعِلَّ فعله أُعِلَّ هو، ولأنه بمعنى القِيام فَحُمِلَ عليه في الإعلال.
وَحَكَى الأخفش :" قِيماً " و " قِوَماً " قال : والقياسُ تصحيحُ الواو، وإنما اعتلت على وجه الشُّذُوذِ كقولهم :" ثِيرَة " وقول بني ضبة " طِيال " في جمع طويل، وقول الجميع " جِياد " في جمع جواد، وإذا أعلّوا " دِيَماً " لإعلال " دِيْمة "، فاعتلالُ المصدر
١٨٠


الصفحة التالية
Icon