جواز القتل، وقد يقول الرجل : لو كان الإله جسماً لكان محدثاً، وهذا حق، ولا يلزم منه أن [قولنا] الإله جسم حق.
فصل يدخل في الآية ما إذَا كان آتَاهَا مهرها، وما إذا لم يؤتها ؛ لأنه إذَا أوقع العقد على الصداق فقد آتاها ذلك الصداق في حكم الله فلا فرق بين ما إذا آتاها الصداق حساً، وبين ما إذا لم يؤتها.
فصل [في الخلوة الصحيحة هل تقرر المهر ؟ ] احتج ابُو بكر الرازي بهذه الآيةَ على أنَّ الخلوة الصحيحة تقرر المهر.
قال : لأنَّ اللهَ تعالى منع الزوج من أنْ يأخذ منها شيئاً من المهر، وهذا المنع مطلق ترك العمل قبل الخلوة ؛ فوجب أن يكون معمولاً به بعد الخلوة.
قال : ولا يجوز أن يقال إنَّه مخصوص بقوله تعالى :﴿وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرر : ٢٣٧] لأن الصحابة اختلفوا في تفسير المسيس.
فقال عمر وعلي - رضي الله عنهما - : المراد من المسيس : الخلوة.
وقال عبد الله : هو الجماع إذَا صار مختلفاً فيه امتنع جعله مخصصاً لعموم الآية.
وأجيب أنَّ هذه الآية هنا مختصة بعد الجماع لقوله :﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ وإفضاء بعضهم إلى بعض، هو الجماع على ما سيأتي.
فصل [سوء العشرة هل يوجب العوض] سُوءُ العشرة إنْ كان من قِبَلِ الزوجة حَلَّ أخذ بدل الخُلْعِ ؛ لقوله :﴿وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ ُلِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ﴾ وإن كان من قِبل الزوج، كثرِهَ له أن يأخذ من مهرها شيئاً ؛ لأنه نهى في هذه الآية عن الأخذ، ثم إن خالف وفعل ملك بدل الخُلْعِ كما أنَّ البيع وقت النداء منهي عنه، ثم إنه يفيد الملك.
قوله :﴿أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً﴾ استفهام إنكاري أي : اتفعلونه مع قبحه، وفي نصب ﴿بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً﴾ وجهان :
٢٦٦
أحدهما : أنها منصوبان على المفعول من أجله أي لبهتانكم وإثمكم.
قال الزمخشريُّ : فإن لم يكن عَرَضاً كقولك : قعد عن القتال جبناً.
وقيل : انتصب ينزع الخافض أي ببهتان.
والثاني : أنَّهُمَا مصدران في موضع الحال، وفي صاحبهما وجهان : أظهرهُمَا : أنَّه الفاعل في أتأخذونه أي : باهتين وآثمين.
والثاني : أنَّهُ المفعول أي : أتأخذونه مبهتاً محيراً لشنعته، وقبح الأحدوثة عنه، والتقدير : تصيبون في أخذه بهتاناً، والبُهْتَانُ فُعْلان من البُهْتِ، وهو في اللغة : الكذب الذي يواجه به الإنسان صاحبه على وجه المكابرة، وأصله من بهت الرَّجُلُ إذا تحيَّر فالبهتان كذب يحير الإنسان لعظمه ثم جُعِلَ كُلُّ باطل يتحير من بطلانه بهتاناً، ومنه الحديث :" إذا واجهت أخاك بما ليس فيه فقد بَهَتَّهُ " ولقد تقدم الكلام عليه في البقرة.
وفي تسمية هذا الأخذ " بهتانا " وجوه : أحدها : انَّهُ تَعَالى لما فرض لها ذلك المهر فأخذهُ ؛ كَأنَّهُ يقول : ليس ذلك بفرض فيكون بُهْتَاناً.
وثانيها : أنَّ العقد يستلزم مهراً وتكفل بالعقد تسليم ذلك المهر إيلها ولا يأخذه منها، صار ذلك القول الذي عقد به العقد بهتاناً.
وثالثها : أنا ذكرنا أنه كان من عادتهم إذا أرادوا تطليق الزوجة رموها بفاحشة، حتى تخاف وتشتري نفسها منه بذلك المهر، فلما كان ذلك واقعاً على هذا الوَجْهِ في الأغلب جعل كأنه أخذه بهتاناً [وإثماً].
[رابعها : أنَّه عقاب البهتان والإثم المبين فهو كقوله :﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً﴾ [النساء : ١٠].
وقوله :﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ﴾ تقدَّمَ الكلام في كيف عند قوله :﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ﴾ [البقرة : ٢٨].
٢٦٧