٢٨٧
وقال أبو حنيفة وأحمد : تحرم.
حجَّةُ الشَّافِعِيِّ أنَّهَا ليست بنتاً فلا تحرم، وإنما قلنا : ليست بنتاً لوجوه : أحدها : أنَّ أبا حنيفة - رضي الله عنه - إمَّا أن يثبت كونها بنتاً له بناء على الحقيقةِ، وهي كونها مخلوقة من مائه أو [بناء] على حكم الشَّرعِ بثبوت هذا النَّسَبِ، والأوَّلُ باطلٌ على مذهبه طرداً أو عكساً، وأمَّا الطرد فهو أنَّهُ مخلوق من مَائِهِ، مع أن أبَا حنيفة قال : لا يثبت ولدها إلا عند الاستلحاق، ولو كان النَّسب هو كون الوَلَدِ مخلوقاً من مائه، لما توقّف [أبو حنيفة في] ثبوت هذا النسب على الاستلحاق.
وَأمَّا العكس فهو أنَّ المشرقي إذَا تزوَّجَ بالمغربية، وحصل هناك ولد فَأبُو حَنِيفَةَ أثْبَتَ النسب ههنا مع القطع بأنَّهُ غير مخلوق من مَائِهِ، فثبت أنَّ القول بجعله
٢٨٨
التَخليق من مائه سبباً للنَّسب باطل، طرداً أوْ عكساً على قول أبِي حنيفة، وأمَّا إذا قلنا : إنَّ النَّسب إنَّمَا يثبت لحكم الشرع فههنا أجمع المسلمون أنَّه لا نسب لولد الزِّنى من الزَّاني، ولو انتسب إلى الزَّاني لوجب على القَاضِي منعَه من ذلك الانتساب، فَثَبَتَ أنَّ انتسابها إلَيْهِ غير ممكن، لا على الحقيقة، ولا على حكم الشرع.
وثانيها : قوله عليه السَّلاَمُ :" الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ولِلْعَاهِرِ الحَجَرُ " فحصر النسب في الفراش.
وثالثها : أنَّهُ لا ولاية له عليها، ولا يَرِثُهَا ولا ترثه، ولا يجب لها عليه نفقة ولا حضانة، ولا يَحِلُّ له الخلوةُ بها، ولَمَّا لم يثبت شَيْء من ذلك علمنا انتفاء النَّسَبِ بينهما، وَإذَا انتفى النَّسَبُ بينهما حلَّ التَّزَوُّجُ بها.
قوله ﴿وَأَخَوَاتُكُمْ﴾ ويدخل فيه الأخوات للأبوين والأب وللأم.
قوله ﴿وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ﴾.
قال الواحِدِيُّ : كلُّ ذكر رجع نسبك إلَيْهِ فأخته عَمَّتُك، وقد تكون العمة من جهة الأم، وهي أخْتُ أبي أمِّكَ، وكل أنثى رجع نسبك إلَيْهَا بالولادة فأختها خالتك، وقد تكونُ الخالةُ من جهة الأبِ، وهي أختُ أمِّ أبيكَ، فألف " خالة " و " خال " منقلبة عن وَاوٍ بدليل جمعه على " أخْوَالٍ " قال تعالى :﴿وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ﴾ وقوله وبنات الأخ والأخت، والقول فيهنَّ كالقول في بنات الصلب.
قال المفسِّرُون كُلُّ امرأةٍ حرم اللَّهُ نكاحها ابتداءً فهنَّ المذكورات في الآية الأولى وكلُّ امرأة كانت حلالاً ثمَّ طَرَأَ تحريمها فهن اللاتي ذكرن في باقي الآية.
قوله ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ﴾.
قال الواحِدِيُّ : سَمَّاهُن أمهات لأجل الحرمة، كما أنَّهُ تعالى سَمَّى أزواج النَّبيِّ ﷺ أمهات المؤمنين [في قوله :] ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب : ٦].
قوله :﴿مِّنَ الرَّضَاعَةِ﴾ في موضع نصب على الحال، يتعلق بمحذوف تقديره : وأخواتكم كائنات من الرضاعة.
وقرأ أبو حيوة من الرِّضاعة بكسر الرَّاءِ.
٢٨٩


الصفحة التالية
Icon