وروى الحسن عن [ابن] سبرة أيضاً : ما حلَّتِ المتعةُ قطُّ إلاّ ثلاثاً في عمرة الفَضَاءِ ما حلَّت قبلها، ولا بعدها.
فهذه سبعةُ مواطن أحلت فيها المتعة وحرمت.
قوله " فريضة " حال من أجورهن، أو مصدر مؤكد أي فرض اللَّهُ ذلك فريضة [أو فرضاً] أو مصدر على غير المصدر ؛ لأنَّ الإيتاء مفروض فَكَأنَّهُ قال " فآتوهن أجورهن إيتاء مفروضاً ".
قوله " ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة " من حمل الآية على النِّكاح الصّحيح قال المراد منه الإبراء من المهر، أو الحط عنه، أو الافتداء، أو الاعتياض وهو كقوله تعالى ﴿فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً﴾ [النساء : ٤] [فإن قبضها ملكت بالقبض] وقوله ﴿إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَاْ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة : ٢٣٧] من حمل الآية على نِكَاحِ المتعة قال : أراد إذا انْقَطَعَ زمانُ المتعَةِ لم يبق للرَّجُلِ على المرأة سبيل، فإنْ شاءت المرأة زادت في الأجل وزاد الرجل في الأجر وإن لم يتراضيا تفارقا.
فصل [حكم إلحاق الزيادة بالصداق] قال أبُو حنيفة : إلحاق الزِّيَادَةِ بالصَّدَاقِ جائز، وهي ثابتة إن دَخَلَ بها، أو مات عنها وإن طلقها قبل الدُّخولِ بطلت الزِّيَادة، وكانت بمنزلة الهبة فإن قبضتها ملكتها بالقبض، وإن لم تقبضها بطلت، واحتَجُّوا بقوله ﴿وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ﴾ وهذا بعمومه يدلُّ على جواز إلحاق الزِّيَادة [بالصداق، قال : بل هذه بالزيادة أخص منها بالنقصان ؛ لأنه تعالى علقه بتراضيهما والبراءة والحط لا يحتاج إلى رضا الزوج، والزيادة لا تصح إلا بقبوله، فإذا علق ذلك بتراضيهما جميعاً، دل على أن المراد هو الزيادة.
الجواب أنه لا يجوز أن تكون الزيادة عبارة] عما ذكره الزَّجَّاجُ، وهو أنَّهُ إذا طلقها قبل الدُّخول، فإن شاءت أبرأته من النَّصف، وإن شاء الزَّوج سلّم إليها كلَّ المال، فيكون قد زادها على ما وَجَبَ عليه ؛ ولأنَّ هذه الزيادة لو التحقت بالأصل لكان إمَّا مع العقد الأوَّلِ، أوْ بعد زواله، والأوَّلُ باطل ؛ لأنَّ العقد لما انعقد على القدر الأوَّلِ، فلو انعقد مرَّةً أخرى على القدر الثَّاني ؛ لكان ذلك تكويناً لذلك العقد بعد ثبوته، وهو تحصيلُ الحاصلِ.
٣١٥
والثَّاني باطل ؛ لانعقادِ الإجماع على أنَّ عند إلحاق الزَّيادَةِ لا يرتفعُ العقدُ الأوَّلُ، ففسد قولهم.
فصل [في استحباب قلة المهر] اعلم أنَّهُ لا تقدير لأكثر الصّداق لقوله تعالى ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً﴾ [النساء : ٢٠] والمستحبّ أن لا يغالي فيه.
قال عُمَرُ بْنُ الخطَّاب :" ألاَ لاَ تغالوا في صدقة النِّساء، فإنَّهَا لو كانت مُكرمَةً في الدُّنْيَا وتقوى عند اللَّهِ، لكان أولاكم بها رسولُ الله ﷺ، ما علمت رسول الله ﷺ نَكَحَ شيئاً من نسَائِهِ، ولا أنكح شيئاً من بناته بأكثر من اثْنَي عشر أوقية.
وعن أبِي سَلَمَةَ قال : سألتُ عَائِشَة كم كان صداق النَّبي ﷺ قال : كَانَ صَدَاقُهُ لأزْوَاجِهِ اثْنَتي عَشْرَةَ أوقِيةً وَنشاً وقالت : أتدري ما النشُّ ؟ قلتُ : لا قالت : نصف أوقية فتلك خَمسمائة دِرهم، وَأمَّ أقل الصَّداق فذهب بعضهم إلى أنَّهُ لا تقدير فيه، بل ما جاز أنْ يكونَ مبيعاً أو ثمناً جاز أن يكون صداقاً، وهو قول ربيعةَ، وسفيانَ الثَّوريَ، والشَّافعيِّ، وأحمد وإسحاقَ.
وقال عمرُ بْنُ الخَطَّابِ :" في ثلاث قبضات مهر زينب "، وقال سعيدُ بن المسيِّبِ :" لو أصدقها سوطاً جاو "، وقال قوم : تقدر بنصاب السّرقة، وهو قول مَالِكٍ، وأبي حنيفَةَ، غير أنَّ نصاب السَّرقةِ عند مالك ثَلاثَةُ دراهِمَ، وحجَّةُ الشافعي وأحمد قوله عليه السلام " الْتَمِسْ، َلَوْ خَاتَماً مِنْ حَدِيدِ، زوجتك بما معك من القرآن "، وزوّج امْرَأةً على نَعْلَيْن.
فصل [في حكم جعل القرآن ونحوه صداقاً] قال الشافعيُّ، وأحمدُ :" يجوزُ أن يجعل تعليم القرآن صَدَاقاً للحديث "، وقال أصحابُ الرَّأي لا يجوزُ، وكذلك كلُّ عَمَلٍ يجوزُ الاستئجار عليه مثل البِنَاءِ، والخياطة وغيرهما يجوز أن يجعل صداقاً للحديث، ولقول شُعيب لموسى عليه السَّلامُ ﴿إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ﴾ [القصص : ٢٧].
وقال أبو حنيفة : لا يجوز أن يجعل منفعة الحرّ صداقاً.
٣١٦
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٩٦


الصفحة التالية
Icon