الخامس : أنه خبر مُبْتَدَ مُضْمَر، أي : هم الذين.
السادس : أنه بَدَلٌ من الضَّميرِ المستكن في ﴿فَخُوراً﴾ ذكره أبو البَقَاء، وهو قلق.
السابع : أنه صِفَة لـ " مَنْ " ؛ كأنه قيل : لا يُحِبُّ المختالَ الفَخْور البَخِيل.
وفي البخل أرْبَع لُغاتٍ : فتح الخَاءِ والبَاء مثل الكَرَم، وبها قرأ حَمْزَةُ والكسائي، وبِضمِّهَا ذكره المُبرِّد، وبها قرأ الحَسَنُ وعِيسَى بن عُمَر، وبفتح البَاءِ وسُكُون الخَاء، وبها قرأ قتادةُ وابن الزبير، وبضم الباء وسكون الخاء، وبها قرأ الجمهور.
والبُخْلُ والبَخَلُ ؛ كالحُزْنِ والحَزَن، والعُرْبِ والعَرَبِ.
قوله :﴿بِالْبُخْلِ﴾ فيه وجْهَان : أحدهما : أنه متَعلِّق بـ " يَأمُرُونَ "، فالبَاء للتَّعْدِية على حَدّ أمرتك بِكَذَا.
والثَّاني : أنها باء الحاليّة والمأمور مَحْذُوف، والتَّقْدير : ويأمرون النَّاسَ بشكرهم مع التباسِهِم بالبُخل، فيكون في المعنَى ؛ لقولا الشَّاعر :[البسيط] ١٧٩٥ - أجْمَعْتَ أمْرَيْنِ ضَاعَ الحَزْمُ بَيْنَهُمَا
تِيهَ المُلُوكِ وأفْعَالَ المَمَالِيكِ
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٧٦
فصل قال الواحدي : البُخْلُ في كلامِ العَرَب عبارة عن مَنْع الإحْسَان، وفي الشَّرِيعَةِ عبارة عن مَنْعِ الوَاجِبِ.
قال ابن عبَّاس : نزلت في اليَهُود، بخلوا بِبَيَان صِفَة محمَّد ﷺ وكَتمُوها.
وقال سعيد بن جبير : هَذَا في كِتْمَان العِلْمِ.
٣٧٧
وقال ابن عبَّاسٍ وابن زيد : نَزَلَتْ في كردم بن يزيد، وحُيَيٍّ بن أخْطَب، ورِفَاعة بن التَّابُوت وأسَامة بن حَبِيبٍ، ونَافِع بن أبِي نافع، وبحري بن عمرو، وكانُوا يأتُون رجالاً من النْصَارِ يُخَالِطُونَهُم، فيقولون : لا تُنْفِقُوا أموالكُم، فإنّا نَخْشَى عليكم الفَقْرَ ولا تَدْرُون مَا يَكُون، فأنزل هذه الآية.
وقيل : إنها عَامَّة في البُخْلِ بالعِلْم والدِّين والمَالِ : لأن البخل مَذْمُومٌ واللفظ عامٌّ.
قال القرطبي : والمراد بهذه الآيَةِ في قَوْل ابن عبَّاس وغيره : اليَهُود ؛ لأنهم جمَعُوا بين الاختيال والتَّفاخر، والبخل بالمَالِ، وكِتْمَان ما أنْزَل الله في التَّوْرَأة من صِفَةِ محمَّد ﷺ، وقيل المراد : المُنَافقُون الذي كان إنْفاقهم وإيمانهم تقية.
قوله :﴿وَيَكْتُمُونَ مَآ آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ يعني المال، وقيل : يَبْخَلُون بالصَّدَقَة، وقوله :﴿مِن فَضْلِهِ﴾، يجوز أن يتعلَّق بـ ﴿آتَاهُمُ﴾ أو بمَحْذُوف على أنه حالٌ من " مَا "، أو من العَائِد عَلَيْها.
قال تعالى ﴿وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً﴾ فصَّل الله - تعالى - تَوعُّدَ المؤمنين البَاخِلين من تَوَعُّد الكَافِرِين، بأن جعل الأوَّل عدم المَحبَّة، والثّضاني عذاباً مُهِيناً.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٧٦
قوله :﴿وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ﴾ فيه ثلاثة أوْجُه : أحدها : أن يكون مَرْفُوعاً عطفاً على ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾، والخبر : أن الله لا يَظْلِم كما تقدم وصفه.
والثاني : مجرور عَطْفاً على ﴿ا االْكَافِرِيْنَ﴾ أي : أعْتَدْنا للكافِرِين، والذين يُنْفِقُون أموالهم رئاء النَّاسِ، قاله ابن جَرِير.
الثالث : أنه مُبْتَدأ، وخبره مَحْذُوف، أي : معذَّبُون أو قَرِينُهم الشَّيْطَان، فعلى الأوَّلَيْن يكون من عَطْف المُفردات، وعلى الثالث من عَطْفِ الجُمَل.
قوله :﴿رِئَآءَ النَّاسِ﴾ فيه ثلاثة أوْجُه : أحدُها : أنه مَفْعُول من أجْلِه، وشُرُوط النَّصْبِ متوفِّرة.
٣٧٨


الصفحة التالية
Icon