بالإخْبَارِ بِهَا، فالواو اسْتِئنَافِيَّة لمجرَّدِ عَطْفِ جُمْلة على جُمْلة، و " الواو " ثابِتَةٌ في مصاحِفَ " الكُوفَة " و " المشرق "، والقارئُ بذلك هو صَاحِبُ ذلك المُصْحف، والكلام كما تقدَّم أيضاً.
قال الواحدي - رحمه الله - : وحَذْف " الواو " هاهنا كإثباتها، وذلك أنَّ في الجُمْلَة المعطُوفَة ذكراً من المَعْطُوف عليْهَا، فإن الموصُوفيه بِقَوْله تعالى " يُسَارِعُونَ فِيهِمْ "، هم الَّذِين قال فيهم المُؤمِنُون :﴿أَهُـاؤُلا ااءِ الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللَّهِ﴾، فلما حَصَل في كل وَاحِدَة من الجُمْلَتَيْن ذكر من الأخْرَى حسن العَطْفُ بالواوِ وبِغَيْرِ الواو، ونَظِيرُه قوله تعالى :﴿سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ﴾ [الكهف : ٢٢] لما كان في كلِّ واحدةٍ من الجُمْلَتيْن ذِكْر ما تقدَّم، عنى ذلك أن حَذْفَ الواوِ وذكرهَا جائِزٌ.
وأمَّا قِرَاءة أبي عَمْرو فهي الَّتِي تَحْتَاج إلى فَضْل نظر.
واخْتَلَفُوا في ذلك على ثلاثةِ أوجُه : أحدُهَا : أنه منصُوب عَطْفاً على " فَيُصْبِحُوا " على أحد الوَجْهَيْن المذكُوريْن في نَصْب " فَيُصْبِحُوا "، وهو الوجهُ الثَّاني، أعْني : كَوْنَهُ مَنْصُوباً بإضْمَار في جواب التَّرَجِّي بعد " الفَاء "، إجراءً للتَّرَجِّي مُجْرَى التَّمَنِّي، وفيه خلافٌ بين البَصْرِيِّين والكوفيِّين، فالبَصريُّون يَمْنَعُونَهُ، والكوفِيُّون يجيزُونَهُ مستدِلِّين على ذلك بقراءة نَافِع ﴿لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى ﴾ [عبس : ٣ : ٤] بِنَصبِ " تَنْفَعَهُ " وبقراءة عَاصِم في رواية حَفْصٍ :﴿لَّعَلِّى أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ﴾ [غافر : ٣٦، ٣٧] بنصب " فأطَّلِع "، وسيأتي الجوابُ عن الآيتين في مَوْضِعِه.
وهذا الوجه - أعني : عَطْفَ " ويقُول " على " فَيُصْبِحوا " - قاله الفَارِسيُّ وجماعة، ونقله ابن عطيَّة، وذكره أبو عَمْرو بن الحَاجِب.
قال شهاب الدِّين أبُو شَامة بعد ذِكْرِه الوجهَ المُتقدِّم :" وهذا وجه جَيِّد أفادنيهِ الشَّيْخ أبو عَمْرو بن الحَاجِب، ولم أره لِغَيْره، وذكروا وُجُوهاً كلها بعيدة مُتعسِّفة " انتهى.
قال شهاب الدِّين : وهذا - كما رأيت - مَنْقُول مَشْهُود عن أبي عَلِيّ الفارسيِّ، وأمَّا ما استجاد به هذا الوجْهَ فإنما يتَمشَّى على قَوْل الكُوفيِّين، وهو مرْجوحٌ كا تقرَّر في علم النَّحْو.
الثاني : أنه منصُوب عَطْفاً على المصدر قبْله، وهو الفَتْح كأنَّه قيل :﴿فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ﴾، وبأن يقول، أي :﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ﴾، وهذا الوجْه ذكره أبُو جعفر النَّحَّاس، ونَظَّرُوه بقوْل الشاعر :[الوافر]
٣٨٤
١٩٨٢ - للبْسُ عَبَاءَةٍ وتَقَرَّ عَيْنِي
أحَبُّ إليَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفُوفِ
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٨٠
وقول الآخر :[الطويل] ١٩٨٣ - لَقَدْ كَانَ في حَوْلٍ ثَوَاءٍ ثَوَيْتُهُ
تَقَضِّي لُبانَاتٍ وَيَسْأمَ سَائِمُ