والكتاب - هنا - المُرَاد به القرآن، وله أسماء : أحدها : الكِتَاب كما تقدم.
وثانيها : القُرْآن :﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً﴾ [الزخرف : ٣]، ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة : ١٨٥].
وثالثها : الفُرْقَان :﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ﴾ [الفرقان : ١].
ورابعها : الذِّكْر، والتَّذْكِرَة، والذِّكْرَى :﴿وَهَاذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ﴾ [الأنبياء : ٥٠]، ﴿وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ﴾ [الحاقة : ٤٨] وقوله تعالى :﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات : ٥٥].
وخامسها : التَّنْزِيل :﴿وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء : ١٩٢].
وسادسها : الحديث :﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾ [الزمر : ٢٣].
وسابعها : المَوْعِظَة :﴿قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ [يونس : ٥٧].
وثامنها : الحُكْم، والحِكْمَة، والحَكِيم، والمُحْكَم :﴿وَكَذالِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً﴾ [الرعد : ٣٧]، ﴿حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ﴾ [القمر : ٥]، ﴿يسا وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ﴾ [يس : ١ - ٢]، ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ﴾ [هود : ١].
وتاسعها : الشِّفَاء :﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ﴾ [الإسراء : ٨٢].
وعاشرها : الهُدَى، والهَادِي ﴿هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة : ٢]، ﴿إِنَّ هذا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء : ٩]، ﴿قُرْآناً عَجَباً يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ﴾ [الجن : ١ - ٢].
وذكروا له أسماء أُخَر منها :" الصِّرَاط المستقيم، والعِصْمَة، والرَّحْمَة، والرُّوح، والقَصَص، والبَيَان، والتِّبْيَان، والمُبِين، والبَصَائر، والفَصْلُ، والنُّجُوم، والمَثَاني، والنّعْمَة، والبُرْهَان، والبَشِير، والنَّذِير، والقَيِّم، والمُهَيْمِن، والنور، والحق، والعزيز، والكريم، والعظيم، والمبارك ".
قوله تعالى :﴿لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾.
يجوز أن يكون خبراً كما تقدّم بيانه.
قال بعضهم : هو خبر بمعنى النّهي، أي : لا ترتابوا فيه كقوله تعالى :﴿فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ﴾ [البقرة : ١٩٧] أي : لا ترفثوا ولا تفسقوا.
قرأ ابن كثير :" فِيهِ " بالإشباع في الوَصْلِ، وكذلك كل هاء كناية قبلها ساكن يشبعها وصلاً ما لم يَلِهَا ساكن، ثم إن كان السَّاكن قبل الهاء ياء يشبعها بالكسر ياء، وإنْ
٢٦٤
كان غيرها يشبعها بالضم واواً، ووافقه حفص في قوله :﴿فِيهِ مُهَاناً﴾ [الفرقان : ٦٩] فأشبعه.
ويجوز أن تكون هذه الجملة في محلّ نصب على الحال، والعامل فيه معنى الإشارة، و " لا " نافية للجنس محمولة في العمل على نقيضها.
" إنَّ "، واسمها معرب ومبني : فيبنى إذا كان مفرداً نكرة على ما كان ينصب به، وسبب بنائه تضمنّه معنى الحرف، وهو " من " الاسْتِغْرَاقِيَّة يدلّ عليه ظهورها في قول الشاعر :[الطويل] ١٠٦ - فَقَامَ يَذُودُ النَّاسَ عَنْهَا بِسَيْفِهِ
فَقَالَ إلاَ لاَ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى هِنْدِ
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٥١
وقيل : بني لتركُّبه معها تركيب خمسةَ عَشَرَ، وهو فاسد وبيانه في غير هذا الكتاب.
وزعم الزَّجَّاج أن حركة " لاَ رَجُلَ " ونَحْوِه حركة إعراب، وإنما حذف التنوين تخفيفاً، ويدل على ذلك الرجوع إلى هذا الأصل كقوله :[الوافر] ١٠٧ - ألاَ رَجُلاً جَزَاهُ اللهُ خَيْراً
يَدُلُّ عَلَى مُحضصِّلَةٍ تَبِيتُ
ولا دليل له لأن التقدير : إَلاَ تَرَونَنِي رَجُلاً ؟ فإن لم يكن مفرداً - وأعني به المضاف والشبيه به - أُعْرِبَ نَصْباً نحو : طلا خيراً من زيد "، ولا عمل لها في المعرفة ألبتة، وأما نحو قوله :[الطويل] ١٠٨ - تُبَكِّي عَلَى زَيْدٍ ولاَ زَيْدَ مِثْلُهُ
بَرِيءٌ مِنَ الحُمَّى سَلِيمُ الجَوَانِحِ
٢٦٥
وقول الآخر :[الوافر] ١٠٩ - أَرَى الْحَاجَاتِ عَنْدَ أَبِي خُبَيْبٍ
نَكِدْنَ وَلاَ أُمَيَّةَ فِي البِلاَدِ
وقول الآخر :[الرجز]
١١٠ - لاَ هَيْثَمَ اللَّيْلَةَ لِلْمَطِيِّ
وقوله عليه الصَّلاة والسَّلام :" لا قُرَيْشَ بعد اليَوْمِ، إذا هلك كِسْرَى، فلا كسرى بَعْدَه " فمؤوَّل.
و " رَيْبَ " اسمها، وخبرها يجوز أن يكون الجار والمجرور وهو " فيه " ـ إلاّ أن بني " تميم " لا تكاد تذكر خبرها، فالأولى أن يكون محذوفاً تقديره : لا ريب كائن، ويكون الوَقْفُ على " ريب " حينئذ تامَّا، وقد يحذف اسمها ويبقى خبرها، قالوا :" لا عليك " أي : لا بأس عليك.
ومذهب سيبويه رحمه الله : أنها واسمها في مَحَلّ رفع بالابتداء، ولا عمل لها في الخبر.
ومذهب الأخفش : أن اسمها في مَحَلّ رفع، وهي عاملة في الخبر.
ولها أحكامٌ كثيرة، وتقسيمات منتشرة مذكورة في كتب النحو.
٢٦٦