يريد : جَرَحْتَهُ بثقلك وتمايلك، والعَقْر والعُقر بالتفح، والضمّ [الأصل]، ومنه عَقَرْتُه أي : أصبتُ عقره يعني أصله كقولهم : كَبَدْتُه ورَأسْتُه أي : أصبت كَبِدَهُ ورأسه، وعَقَرْتُ النخل : قطعته من أصله، والكَلْبُ العقور منه، والمرأة عَاقِرٌ، وقد عُقِرَت.
والعقر بالضَّمِّ آخر الولد وآخر بيضة يقال : عُقر البيض.
والعَقار بالفتح : الملك من الأبنية، ومنهُ " ما غُزِيَ قومٌ في عُقْرِ دارِهمِ إلاَّ ذُلُّوا "، وبعضهم يخصه بالنَّخل.
والعُقارُ بالضمِّ : الخمر ؛ لأنَّها كالعَاقِرَة للعقل، ورفع عَقِيْرَتَهُ أي : صَوْتَهُ، وأصله أن رجلاً عَقَر رجْلَه فرفع صوته فاستعير لكلِّ صائحٍ، والعُقر بالضمِّ : المَهْرُ.
وأضاف العقر إليهم مع أنَّه ما كان باشره إلا بعضهم ؛ لأنَّهُ كان برضاهم.
قوله :" وَعَتَوْا " العُتُوُّ، والعُتِيُّ : النُّبُوُّ أي : الارتفاع عن الطَّاعة يقال منه : عَتَا يَعْتُوا عُتْوّاً وعُتِيّاً بقلب الواوين ياءين، والأحسن فيه إذا كان مصدراً تصحيح الواوين كقوله :﴿وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً﴾ [الفرقان : ٢١] وإذا كان جمعاً الإعلالُ نحو : قوم عُتِيٌّ، لأنَّ الجمع أثقلُ، قياسُه الإعلال تخفيفاً.
وقوله :﴿أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَـانِ عِتِيّاً﴾ [مريم : ٦٦] محتمل للوجهين قوله :﴿وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ
١٩٨
الْكِبَرِ عِتِيّاً﴾ [مريم : ٨] أي : حالة تتعذر مداواتي فيها كقوله :[الكامل] ٢٥٠٧ -....................
وَمِنَ العَنَاءِ رِيَاضَةُ الهَرِمِ
وقيل : العاتي : الجاسي أي اليَابِسُ.
ويقال : عَثَا يَعْثُوا عُثُوّاً بالثاء المثلثة من مادة أخرى ؛ لأنَّهُ يقال : عَثِي يَعْثَى عِثِيّاً وعثا يَعْثُوا عُثُواً، [فهو في إحْدَى لغتيه يشاركه " عَتَا " بالمثناة وزناً ومعنى، ويقاربه في حروفه.
والعيث أيضاً - بتقديم الياء من أسْفَل] على الثاي المثلثة - هو الفساد، فيحتمل أن يكون أصلاً، وأن يكون مقلوباً فيه.
وبعضهم يجعل العَيْث الفساد المدرك حِسّاً، والعِثِيَّ في المدرك حكماً، وقد تقدَّم طرفٌ من هذا.
ومعنى الآية : استكبورا عن امتثال امر ربّهم وكذّبوا بنبيهم.
قوله :﴿وَقَالُواْ يَاصَالِحُ ائْتِنَا﴾ يجوزُ لك على رواية من يسهِّل الهمزة وهو وَرْشٌ والسوسي أن تقلب الهمزة واواً، فتلفظ بصورة " يَا صالح وُتِنا " في الوصل خاصة تُبْدل الهمزة بحركة ما قبلها، وإن كانت منفصلة من كلمة أخْرَى.
وقرأ عاصمْ وعيسى بْنُ عُمَرَ " أُوْتِنَا " بهمزة وإشباع ضم ولعله عاصم الجحدريّ لا عاصم بن أبي النجود، وهذه القراءة لا تبعد عن الغلطِ ؛ لأن همزة الوصل في هذا النحو مكسورة فمن أين جاءت ضمة الهمزة إلاَّ على التوهُّم ؟ قوله :" بِمَا تَعِدُنَا " العائِدُ محذوف أي :" تَعِدُناه " ولا يجوز أن تقدر " تَعِدُنا " متعدياً غليه بالباء، وإنْ كان الأصْلُ تعديته إليه بها، لئلا يلزم حذف العائد المجرور بحرف من غير اتّحاد متعلقهما لأن " بِمَا " متعلِّقٌ بـ " الإتيان "، و " به " متعلق بـ " الوعد " ثم قالوا ﴿إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ وإنما قالوا ذلك ؛ لأنَّهم كانوا مكذبين في كل ما أخبر عنه من الوَعْدِ والوَعِيدِ.
قوله :﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ﴾ قال الفراء والزجاج هي الزلزلة الشديدة يُقالُ رَجَفَتِ الأرْضُ تَرْجُفُ رَجْفاً وَرَجيفاً ورجفاناً قال تعالى :﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ﴾ [المزمل : ١٤].
وقال اللَّيثُ : الرَّجْفَةُ : الطَّامة التي يتزعزع لها الإنسان ويضطرب.
ومنه قيل للبحر رجَّافٌ لاضطرابه.
وقيل : أصله مِنْ رَجفَ به البعيرُ إذا حركه في سيره، كما يرجف الشجر إذا رجفه الريح.
١٩٩
قال ابن أبي ربيعة :[الطويل] ٢٥٠٨ - ولمَّا رَأيْتُ الحَجَّ قَدْ حَانَ وَقْتُهُ
وَظَلَّتْ جِمَالُ الحَيِّ بالقَوْمِ تَرْجُفُ
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٩٧
والإرْجَافُ إيقاعُ الرَّجْفَةِ، وجمعه الأرَاجِيفُ، ومنه " الأراجِيفُ ملاقيحُ الفتنِ ".
وقوله :﴿تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ [النازعات : ٦].
كقوله :﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا﴾ [الزلزلة : ١].
ومنه [الطويل] ٢٥٠٩ - تُحْيِي العِظَامَ الرَّاجِفَاتِ مِنَ البِلَى
فَلَيْسَ لِدَاءِ الرُّكْبَتَيْنِ طبِيبُ
قوله :﴿فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ [يعني في بلدهم، كما يقال : دار الحرب، ودار البزّازين].
الجثوم : اللُّصوق بالأرْضِ من جثوم الطَّائر والأرْنَبِ، فإنَّهُ يلصق بطنه بالأرْضِ، ومنه رجل جُثَمَةٌ وجثَّامَةٌ كناية عن النَّؤوم والكَسْلان، وجثمانُ الإنسان شَخْصُه قاعداً وقال أبو عبيد :" الجُثُوم للنَّاس والطير كالبرول للإبل " وأنشد لجرير :[الوافر] ٢٥١٠ - عَرَفْتُ المُنْتأى وعَرَفْتُ مِنْهَا
مَطَايَا القِدْرِ كالْحِدَأ الجُثُومِ