بنُ أبي وقَّاص وطلحةُ بنُ عبيد الله ؛ فجاء بهم إلى رسُول الله ﷺ حين أسلمُوا وصلُّوا معه، فكان هؤلاء الثمانية نفر الذين سبقوا إلى الإسلامِ، ثم تتابع النَّاسُ في الدُّخُولِ في الإسلامِ، أمَّا السابقُون من الأنصار الذين بايعُوا رسولَ الله ﷺ ليلة العقبة الأولى وكانوا ستة نفر ثم أصحاب العقبة الثانية وكانوا اثني عشر رجلاً، ثم العقبة الثالثة وكانوا سبعين فهلاء سباق الأنصار.
ثمَّ بعثَ رسُول الله، مصعب بن عمير إلى أهل المدينة يعلِّمهم القرآن ؛ فأسلم على يده خلق كثير وجماعة من النساء والصبيان.
والمراد بالمهاجرين الذين هاجروا قومه وعشيرتهم، وفارقُوا أوطانهم، والأنصار الذين نصروا رسول الله ﷺ على أعدائه، وآووا أصحابه.
﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ﴾ [التوبة : ١٠٠] قيل : هم بقية المهاجرين والأنصار سوى السابقين الأولين وعلى هذا أتي بـ " مِنْ " للتبعيض.
وقيل : هم الذين سلكُوا سبيلهم في الإيمان والهجرة والنصرة إلى يوم القيامة.
وقال عطاءٌ : الذين يذكرُون المهاجرين والأنصار بالتَّرحم والدُّعاء.
ثم جمع الله في الثَّواب فقال :﴿رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ﴾ وقرأ ابنُ كثير :" تَجْري من تحْتِهَا " بـ " مِن " الجارَّة، وهي مرسومةٌ في مصاحف مكَّة.
والباقون " تَحْتها " بدونها ولم تُرسَمْ في مصاحفهم.
وأكثرُ ما جاء القرآن موافقاً لقراءةِ ابنِ كثير في غير موضع.
قوله :﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ...
خبر مقدَّم، و " مُنَافقُونَ " مبتدأ، و " مِنَ الأعْرابِ " لبيان الجنسِ.
" ومِنْ أهْلِ المدينةِ " يجوزُ أن يكون نسقاً على " مَنْ " المجرورة بـ " مِنْ "، فيكون المجروران مشتركين في الإخبار عن المبتدأ، وهو " مُنافقُونَ " بهما، كأنَّه قيل : المنافقون من قوم حولكم، ومن أهل المدينة، وعلى هذا هو من عطف المفردات، إذ عطفت خبراً على خبر، وعلى هذا، فيكون قوله :" مَرَدُوا " مستأنفاً لا محلَّ له.
ويجوز أن يكون الكلامُ تمَّ عند قوله :" مُنافقُونَ " ويكونُ قوله " ومِنْ أهْلِ المدينةِ " خبراً مقدماص، والمبتدأ بعده محذوفٌ قامت صفتُه مقامه وحذفُ الموصوفِ وإقامةُ صفته مقامه - وهي جملة - مُطَّردٌ مع " مِنْ " التَّبعيضية، وقد مرَّ تحريره، نحو :" مِنَّا صفته مقامه - وهي جملة - مُطَّردٌ مع " مِنْ " التَّبعيضية، وقد مرَّ تحريره، نحو :" مِنَّ ظعن، ومِنَّا أقامَ " والتقدير : ومن أهلِ المدينةِ قومٌ، أو أناسٌ مرَدُوا، وعلى هذا فهو من عطف الجمل.
ويجوز أن يكون " مَرَدُوا " على الوجه الأوَّلِ صفةً لـ " مُنَافِقُون " وقد فُصل بينه وبين صفته بقوله :" ومِنْ أهل المدينةِ "، والتقدير : وممَّن حولكم، ومنْ أهْلِ المدينةِ منافقون ماردون.
قال ذلك الزجاجُ، وتبعه الزمخشريُّ، وأبو البقاء، واستبعده أبو حيَّان، للفصل بين الصِّفة وموصوفها.
١٨٧
قال :" فيصير نظيره في الدَّارِ زيدٌ، وفي القصر العاقل ".
يعني ففصلت بين " زيد "، و " العاقل " بقولك :" وفي القصر ".
وشبَّه الزمخشريُّ حذف المبتدأ الموصوف في الوجه الثَّاني، وإقامة صفته مقامه بقوله :[الوافر] ٢٨٣٩ - أنَا ابْنُ جَلاَ..................
.......................
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٧٧
قال أبُو حيَّان :" إن عنى في مطلق حذف الموصوف فحسنٌ، وإن كان شبَّهه به في خصوصيته فليس بحسنٍ ؛ لأنَّ حذفَ الموصوف مع " مِنْ " مُطَّردٌ ؛ وقوله :[الوافر] ٢٨٤٠ - أنَا ابْنُ جَلاَ.................
.......................
ضرورة ؛ كقوله :[الرجز]
٢٨٤١ - يَرْمِي بِكَفِّي كَان مِنْ أرمَى البَشَرْ
والبيت المشار إليه، هو قوله :[الوافر] ٢٨٤٢ - أنَا ابنُ جَلاض وطلاَّعُ الثَّنَايَا
مَتَى أضَعِ العِمامةَ تَعرِفونِي
وللنُّحاة في هذا البيت تأويلات : أحدها : ما تقدم.
والآخر : أنَّ هذه الجملة محكيّة ؛ لأنَّها قد سُمِّي بها هذا الرَّجلُ، فإنَّ " جَلاَ " فيه ضمير فاعل، ثم سُمِّي بها وحُكيَتْ كما قالُوا : شَابَ قَرْنَاهَا، وذَرَّى حَبّاً، وقوله :[الرجز]
١٨٨
٢٨٤٣ - نُبِّئْتُ أخْوالِي بَنِي يَزِيدُ
ظُلْماً عليْنَا لهُمُ فَدِيدُ


الصفحة التالية
Icon