الرابع : بمعنى " الرسول " قال تعالى :﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى﴾ [البقرة : ٣٨] أي : رسول.
الخامس : بمعنى " الرشاد " قال تعالى :﴿وَاهْدِنَآ إِلَى سَوَآءِ الصِّرَاطِ﴾ [ص : ٢٢] أي أرشدنا.
وقوله :﴿عَسَى رَبِّى أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ السَّبِيلِ﴾ [القصص : ٢٢].
وقوله تعالى :﴿اهْدِنَا الصّرَاطَ﴾ [الفاتحة : ٦].
السادس : بمعنى :" القرآن " قال تعالى :﴿وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى ﴾ [النجم : ٢٣] أي : القرآن.
السابع : بمعنى : بعثة النبي - ﷺ - قال تبارك وتعالى :﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِى ﴾ [الشورى : ٥٢].
الثامن : بمعنى " شرح الصدور " قال تعالى :﴿فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ﴾ [الأنعام : ١٢٥].
التاسع : التوراة، قال تبارك وتعالى :﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى ﴾ [غافر : ٥٣] يعني : التوراة.
العاشر :" الجنة " قال تعالى :﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ﴾ [يونس : ٩] أي : يدخلهم الجنة.
الحادي عشر :" حج البيت " قال تعالى :﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران : ٩٦] أي الحج.
الثاني عشر :" التوبة " قال تعالى :﴿وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾ [يوسف : ٥٢] أي : لا يصلح.
الثالث عشر :" التوبة " قال تعالى :﴿إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ﴾ [الأعراف : ١٥٦] أي : تُبْنَا ورجعنا.

فصل في المقصود بالهدى قال ابن الخطيب " رضي الله تعالى عنه " : الهُدَى عبارة عن الدلالة.


وقال صاحب " الكشاف " : الهدى هو الدلالة الموصّلة للبغية.
وقال آخرون : الهدى هو الاهتداء والعلم والدليل على صحة الأول أنه لو كان كونه الدلالة موصلة إلى البغية معتبراً في مسمى الهدى لامتنع حصول الهدى عند عدم الاهتداء ؛ لأن كون الدلالة موصلة إلى الاهتداء حال عدم الاهتداء مُحَال، وقد ثبت
٢٧٤
الهدى على عدم حال الاهتداء قال الله تعالى :﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدَى ﴾ [فصلت : ١٧] أثبت الهدى مع عدم الاهتداء.
واحتج صاحب " الكشَّاف " بأمور ثلاثة :[أوّلها] : وقوع الضلالة في مُقَابلة الهدى، قال تعالى :﴿أُوْلَـائِكَ الَّذِينَ اشْتَرُواْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى ﴾ [البقرة : ١٦]، وقال تعالى :﴿قُلِ اللَّهُ وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾ [سبأ : ٢٤].
وثانيها : يقال : مهديّ في موضع المدح كالمهتدي، فلو لم يكن من شرط الهدى كَوْن الدلالة موصلة إلى البغية لم يكن الوصف بكونه مهدياً مدحاً ؛ لاحتمال أنه هدي، فلم يَهْتَدِ.
وثالثها : أن " اهتدى " مطاوع " هَدَى " يقال : هَدَيْتُه فَاهْتَدَى، كما يقال : كسرته فانكسر، وقطعته فانقطع، فكنا أن الانكسار والانقطاع لَزِمَانِ للكسر والقطع، وجب أن يكون الاهتداء من لوازم " الهدى ".
والجواب عن الأوَّلِ : أن الفرق بين الهدى والاهتداء معلوم بالضرورة، فمقابل " الهدى " هو " الإضلال " ومقابل " الاهتداء " هو " الضلال " فجعل " الهدى " في مقابلة " الضلال " ممتنع.
وعن الثاني : المنتفع بالهدى سمي مهدياً ؛ لأن الوسيلة إذا لم تُفْضِ إلى المقصود كانت نازلة منزلة المعدوم.
وعن الثالث : أن الائتمار مُطَاع الأمر يقال : أمرته فائتمر، ولم يلزم منه أن يكون من شرط كونه أمراً حصول الائتمار، وكذا لا يلزم من كونه هذه أن يكون مفضياً إلى الاهتداء، على أنه معارض بقوله : هديته فلم يهتد.
ومما يدل علة فساد قول من قال : الهدى هو العلم خاصة أن الله - تعالى - وصف القرآن بأنه هدى، ولا شك أنه في نفسه ليس بعلم، فدلّ على أن الهدى هو الدلالة لا الاهتداء والعلم.
فصل في اشتقاق المتقي والمتقي في اللغة : اسم فاعل من قولهم : وقاه فاتَّقى، والوقاية : فرط الصيانة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : التقيّ : من يتقي الشّرْك والكبائر والفواحش، وهو مأخوذ من الاتقاء، وأصله : الحجز بين شيئين.
٢٧٥


الصفحة التالية
Icon