لِسَان كَكِتَاب وكُتُب، وقرىء بسكون السين فقط، وهو تخفيفٌ للقراءة قبله، نحو " رُسْل في رُسُل "، و " كُتْب " في " كُتُب "، والهاء في " قَوْمِهِ " الظاهر عودها على " رَسُولٍ " المذكور وعن الضحاك أنَّها تعود على محمد ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وغلطوه في ذلك إذ يصير المعنى : إنَّ التوراة وغيرها أنزلت بلسان العرب ليبين لهنم النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ التوراة.
فصل احتجَّ بعضهم بهذه الآية على أنَّ اللُّغات اصطلاحية، فقال : لأنَّ التوقيف لجميع الرسل لا يكون إلاَّ بلغة قوم، وذلك يقتضي تقدُّم حصول اللغات على إرسال الرسل، وإذا كان كذكل ؛ امتنع حصول تلك اللغات بالتوقيف ؛ فوجب حصولها بالاصطلاح.
ومعنى الآية : وما أرسلنا من رسولٍ إلاَّ بلغة قومه.
فإن قيل : هذه الآية تدلُّ على أنَّ النبي المصطفى ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ إنَّما بُعِثَ للعرب خاصة، فكيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله ﷺ :" وبُعِثْتُ إلى النَّاس عَامَّة ".
فالجواب : بُعِثَ إلى العرب بلسانهم والناس تبعٌ لهم، ثم بعث الرُّسلُ إلى الأطلاف يدعوهم إلى الله ـ تعالى ـ ويترجمون لهم بألسنتهم.
وقيل : المراد من قومه أهل بلدته، وليس المراد من قومه أهنل دعوته بدليل عموم الدعوة في قوله :﴿قُلْ يا أيها النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً﴾ [الأعراف : ١٥٨] وإلى الجنّ أيضاً ؛ لأن التَّحدي ثابت لهم في قوله تعالى :﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ﴾ [الإسراء : ٨٨].
قال القرطبي :" ولا حجة للعجم، وعغيرهم في هذه الآية ؛ لأنَّ كل من ترجم له ما جاء به النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ترجمةً يفهمها لزمته الحجة وقد قال الله ـ عز وجل ـ ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً﴾ [سبأ : ٢٨]، وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" أرْسلَ كُلُّ نبي إلى أمَّتهِ بِلسَانهَا وأرْسَشلنِي اللهُ إلى كُلِّ أحْمَرَ وأسْودَ مِنْ خَلْقِهِ ".
وقال ﷺ :" لا يَسْمعُ بِي أحَدٌ مِنْ هَذهِ الأمَّة يَهُوديّ، ولا نَصْرانِيّ ثُمَّ لَمْ يُؤمِنْ بالَّذي أرسِلْتُ بِهِ إلاَّ كَانَ مِنْ أصْحَابِ النَّارِ " وخرجه مسلم ـ رحمه الله ـ.

فصل زعمت طائفة من اليهود يقال لهم :[العيسوية] أنَّ محمداً رسول الله ولكن إلى


٣٣٦


الصفحة التالية
Icon