أراد : صوتَ أجْنحَةِ أفراخِهَا، حين تطيرُ، أو أصواتَ أفراخها.
وقال الزمخشريُّ :" الطِّينُ اليابس الذي يُصلصِلُ من غير طبخٍ، فإذا طبخ، فهو فخار ".
وقال أبو الهيثم :" هو صوتُ اللِّجامِ، وما أشبهه ؛ كالقعقعة في الثوب ".
وقال الزمخشري ـ أيضاً ـ : قالوا : إذا توهَّمت في صوته مدًّا، فهو صليلٌ، وإن توهمت فيه خفاءً، فهو صلصلةٌ، وقيل : هو من تضعيف " صَلَّ "، إذا أنتن أنتهى.
و " صَلْصَالٍ " هنا، بمعنى مُصَلْصِل ؛ كزَلْزالٍ، بمعنى مُزَلْزِل، ويكون " فَعْلال " ـ أيضاً ـ مصدراً، ويجوز كسره أيضاً، وفي هذا النَّوع، أي : ما تكررت فاؤه، وعينه خلافٌ.
فقيل : وزنه : فَعْفَع ؛ كُرِّرتِ الفاء والعين، ولا لام للكلمة ؛ قاله الفراء، وغيره.
وهو غلطٌ ؛ لأنَّ أقلَّ الأصول ثلاثة : فاءٌ، وعينٌ، ولامٌ.
والثاني : أنَّ وزنه " فَعْفَل : ؛ وهو قول الفرَّاء.
الثالث : أنه " فَعَّل " بتشديد العين، وأسله " صَلَّل " فلما اجتمع ثلاثة أميالٍ، أبدل الثاني من مجنس فاء الكلمة، وهومذهب كوفيٌّ، خصَّ بعضهم هذا لخلافـ بما إذا لم يختل المعنى، بسقوطِ الثالث، نحو " لَمْلَمَ " و " كَبْكَبَ " فإنَّك تقول فيهما :" لَمَّ "، و " كَبَّ "، فول لم يصحَّ المعنى بسقوطه ؛ نحو : سَمْسَمَ "، قال : فلا خلافَ في أصالة الجميع.
قوله تعالى :﴿مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ﴾ فيه وجهان : أحدهما أنه في محلِّ جر صفة لـ " صَلْصَالِ " ؛ فيتعلق بمحذوف.
والثاني : أ، ه بدل من " صَلْصالٍ " بإعادة الجارِّ.
والحَمَأ : الطِّينُ الأسودُ المنتنُ.
٤٥٢
قال الليث ـ رحمه الله ـ : واحده " حَمَأة " بتحريك العين جمعله اسم جنسٍ ؛ وقد غلط في ذلك ؛ فإن أهل اللغة قالوا : لا يقال إلاَّ " حَمْأة " [بالإسكان]، ولا يعرف التحريك ؛ نصَّ عليه أبو عبيدة، وجماعة ؛ وأنشدوا لأبي الأسودِ :[الوافر] ٣٢٧٦ـ تَجِيءُ بمِلْئِهَا طُوْراً وطَوْراً
تَجِيءُ بِحَمْأةٍ وقَلِيلِ مَاءِ
فلا يكون " الحَمَأة " واحدة " الحَمْأ " ؛ لاختلاف الوزنين.
والمَسْنُون : المَصْبُوب ؛ من قولهم : سَنَنتُ الشَّرابَ، كأنَّه لِرُطُبتهِ جعل مَصْبُوباً، كغيره من المائعات، فكأن المعنى : أفرغ صورة إنسانٍ، كما تفرغ الجواهر المذابة.
قال الزمخشريُّ : وحقُّ " مَسْنُونٍ " بمعنى مصور : أن يكون صفة لـ " صَلْصالٍ " ؛ كأنه أفرغ الحمَأ، فصوَّر منه تمثال شخصٍ.
يعني أنه يصيرُ التقدير : من صلصالٍ مصوَّرٍ، ولكن يلزم تقديم الوصف المؤول على الصَّريح ؛ إذا جعلنا :" مِنْ حَمَأ " صفة لـ " صَلْصَالٍ "، أمَّا إذا جعلناه بدلاً منه ؛ فلا.
وقيل : مسنونٌ : مصوَّرٌ من سنَّة الوجه، وهي صورته ؛ قال الشاعر :[البسيط] ٣٢٧٧ـ تُرِيكَ سُنَّة وجْهٍ غَيْرَ مُقْرِفَةٍ
...........................
جزء : ١١ رقم الصفحة : ٤٥٠
وقال الزمخشريُّ : والمَسْنُونُ : المَحْكُوكُ، مأخوذٌ من سننت الحجر، إذا حككته به، فالذي يسيل بينهما سَنَنٌ ولا يكون إلاَّ مُنْتِناً.
ومنه يسمَّى المسَن مسَنًّا ؛ لأنَّ الحديد يحكُّ عليه.
وقيل : المسنونُ : المنسوب إليه، والمعنى ينسب إليه ذريته، وكأن هذا القائد أخذه من الواقع، وقيل : هو من أسنَّ الماء إذا تغيَّر، وهذا غلط ؛ لاختلافِ المادتين.
رُوِيَ أنَّ الله ـ تعالى ـ خمَّر طينة آدم، وتركه حتى صار متغيِّراً أسود، ثم خلق منه آدم ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ.
قوله :﴿وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ﴾ منصوب على الاشتغال، ورجَّح نصبه ؛ لعطف جملة على جملة فعليةٍ.
٤٥٣