عِلياً " بكسرهما والياء، والأصل الواو، وإنما أعِلَّ على اللغة القليلة ؛ وذلك أن فُعولاً المصدر، الأكثر فيه التصحيح ؛ نحو : عَتَا عُتُواً، والإعلال قليلٌ ؛ نحو ﴿أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَـانِ عِتِيّاً﴾ [مريم : ٦٩] على أحد الوجهين ؛ كما سيأتي، وإن كان جمعاً، فالكثير الإعلال، نحو :" جِثِيًّا " وشذَّ : بَهْوٌ وبُهُوٌّ، ونَجْوٌ ونُجُوٌّ، وقاسه الفراء.
فصل معنى ﴿وَقَضَيْنَآ﴾ : أوحينا ﴿إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ﴾، أي بالمعاصي وخلاف أحكام التوراة.
﴿فِي الأَرْضِ﴾ يعني أرض الشَّام وبيت المقدس.
﴿وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً﴾ أي : يكون استعلاؤكم على النَّاس بغير الحقِّ استعلاءاً عظيماً ؛ لأنَّه يقال لكلِّ متكبِّر متجبِّر : قد علا وتعظَّم.
جزء : ١٢ رقم الصفحة : ٢٠٨
قوله :﴿وَعْدُ﴾ أي : موعود، فهو مصدر واقع موقع مفعول، وتركه الزمخشريُّ على حاله، لكن بحذف مضافٍ، أي : وعدُ عقاب أولاهما.
وقيل : الوعدُ بمعنى الوعيد، وقيل : بمعنى الموعد الذي يراد به الوقت، فهذه أربعة أوجهٍ، والضمير عائدٌ على المرَّتينِ.
قوله :" 'ِبَاداً لَنَا " العامة على " عِبَاد " بزنة فِعَال، وزيد بن عليٍّ والحسن " عَبِيداً " على فعيل، وتقدَّم الكلام على ذلك.
وقوله :" فَجاسُوا " عطف على " بَعثْنَا "، أي : ترتَّب على بعثنا إياهم هذا.
وجُوس بفتح الجيم وضمها مصدر جاسَ يَجُوسُ، أي : فتَّش ونقَّب، قاله أبو عبيدٍ، وقال الفراء :" قَتلُوا " قال حسان :[الطويل] ٣٣٧٦ - ومِنَّا الَّذي لاقَى بِسيْفِ مُحمَّدٍ
فَجَاسَ بِهِ الأعْداءُ عَرْضَ العَساكرِ
وقال أبو زيد :" الجُوسُ والجَوْسُ والحَوْسُ والهَوْسُ طلب الطَّوف باللَّيْلِ ".
وقال قطربٌ :" جَاسُوا : نَزلُوا ".
وأنشد :[المتقارب] ٣٣٧٧ - فَجُسْنَا دِيَارهُمْ عَنْوَةً
وأبْنَا بِسَاداتِهمْ مُوثَقِينَا
٢١٠
وقيل :" جَاسُوا بمعنى دَاسُوا "، وأنشد :[الرجز]
٣٣٧٨ - إلَيْكَ جُسْنَا اللَّيْلَ بالمَطِيِّ
وقيل : الجَوْسُ : التردُّد.
قا لالليث : الجَوْس، والجوسان : التردُّد وقيل : طلب الشيءِ باستقصاءٍ، ويقال :" حَاسُوا " بالحاءِ المهملة، وبها قرأ طلحةُ وأبو السَّمَّال، وقُرِئ " فجُوِّسُوا " بالجيم، بزنة نُكِّسُوا.
و " خلال الدِّيارِ " العامة على " خِلال " وهو محتملٌ لوجهين : أحدهما : أنه جمعُ خللٍ ؛ كجِبال في جبل، وجمال في جَمل.
والثاني : أنه اسمٌ مفردٌ بمعنى وسطٍ، ويدل له قراءة الحسن " خَلَلَ الدِّيارِ ".
قوله :" وكان وعْداً "، أي : وكان الجوسُ، أو وكان وعْدُ أولاهما، أو وكان وعدُ عقابهم.
قوله تعالى :﴿الْكَرَّةَ﴾ : مفعول " رَدَدْنَا " وهي في الأصل مصدر كرَّ يكُرُّ، اي : رجع، ثم يعبَّر بها عن الدَّولةِ والقهر.
قوله :" عَليْهِم " يجوز تعلُّقه بـ " رَدَدْنَا "، أو بنفس الكرَّة ؛ لأنه يقال : كرَّ عليه، فتتعدَّى بـ " عَلَى " ويجوز أن تتعلق بمحذوفٍ على أنها حالٌ من " الكرَّة ".
قوله :" نَفِيراً " منصوبٌ على التمييز، وفيه أوجهٌ : أحدها : أنه فعيلٌ بمعنى فاعل، أي : أكثر نافراً، أي : من يَنْفِرُ معكم.
الثاني : أنه جمع نفرٍ ؛ نحو : عَبْدٍ وعبيدٍ، قاله الزجاج ؛ وهم الجماعة الصَّائرُون إلى الأعداء.
الثالث : أنه مصدر، أيك أكثر خروجاً إلى الغزو ؛ قال الشاعر :[المتقارب] ٣٣٧٩ - فَأكْرِمْ بقَحْطانَ مِنْ والِدٍ
وحِمْيَرَ اكْرِمْ بقَوْمٍ نَفِيرَا
جزء : ١٢ رقم الصفحة : ٢١٠
والمفضل عليه محذوفٌ، فقدره بعضهم : أكثر نفيراً من أعدائكم، وقدَّره الزمخشريُّ : أكثر نفيراً ممَّا كنتم.
فصل في معنى الآية معنى الآية :﴿فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا﴾ يعني أوَّل المرَّتين.
٢١١


الصفحة التالية
Icon