......................
وكقوله :[الرجز] ٣٣٨٤ -.......................
في حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وقَدْ شَجِينَا
وكقوله : ٣٣٨٥ -........................
وأمَّا جِلدُهَا فَصَلِيبُ
قوله :" وليَْخُلوا " من جعل الأولى لام " كَيْ " كانت هذه أيضاً لام " كَيْ " معطوفة عليها، عطف علة على أخرى، ومن جعلها لام أمرٍ كأبيٍّ، أو لام قسم ؛ كعلي بن أبي طالب، فاللام في " لِيدْخُلوا " تحتمل وجهين : الأمر والتعليل، و " كَمَا دَخلُوهُ " نعتُ مصدرٍ محذوفٍ، أو حالٌ من ضميره، كما يقول سيبويه، أي : دخولاً كما دخلوه، و " أوَّل مرَّةٍ " ظرف زمانٍ، وتقدَّم الكلام عليها في براءة.
والمراد بالمسجد بيت المقدس ونواحيه.
قوله :﴿وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً﴾ التتبير الهلاك، يقال : تبر الشيء تبراً وتباراً وتبرية إذا هلك، وتبَّرهُ : أهلكه، وكلُّ شيء جعلته مكسَّراً مفتَّتا، فقد تبَّرتهُ، ومنه قيل : تب رالزجاج، وتبر الذَّهب لمكسره، ومنه قوله تعالى :﴿إِنَّ هؤلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ﴾ [الأعراف : ١٣٩]، وقوله :﴿وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً﴾ [نوح : ٢٨] وقوله :" ما عَلَوْا " يجوز في " ما " أن تكون مفعولاً بها، أي : ليهلكوا الذي عَلوْهُ، أي : غلبوا عليه وظفروا وقيل : لِيهْدمُوه : كقوله :[الطويل] ٣٣٨٦ - ومَا النَّاسُ إلاَّ عَامِلانِ، فعَاملٌ
يُتَبِّرُ مَا يَبْنِي وآخَرُ رَافِعُ
ويحتمل :" ويُتَبِّرُوا ما داموا غالبين " أي : ما دام سلطانهم جارياً على بني إسرائيل، وعلى هذا تكون ظرفية، أي : مدَّة استعلائهم، وهذا يحوجُ إلى حذف مفعولٍ، اللهم إلا أنْ يكون القصدُ مجردَ ذِكْرِ الفعل ؛ نحو : هو يعطي ويمنع.
وقوله :" تَتْبيراً " ذكر للمصدر على معنى تحقيق الخبر، وإزالة الشكِّ في صدقه كما في قوله تعالى :﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً﴾ [النساء : ١٦٤] أي حقًّا، والمعنى ليُدمِّرُوا ويخرّبوا ما غلبوا عليه.
٢١٦
ثم قال :﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ﴾ والمعنى : لعلَّ ربَّكم أن يرحمكم، ويعفُوَ عَنْكُم يا بني إسرائيل بعد انتقامهِ منكم بردِّ الدَّولة إليكم.
﴿وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا﴾ أي : إن عدتم إلى المعصية، عدنا إلى العقوبة، قال القفال :" وإنَّما حملنا هذه الآية على عذاب الدنيا ؛ لقوله تعالى في سورة الأعراف خبراً عن بني إسرائيل :﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُواءَ الْعَذَابِ﴾ [الأعراف : ١٦٧] ثم قال :﴿وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا﴾ أي وإنهم قد عادوا إلى فعل ما لا ينبغي، وهو التكذيب بمحمد ﷺ وكتمان ما ورد في التوراة والإنجيل، فعاد الله عليهم بالتعذيب على أيدي العرب، فجرى على بني النضير، وقريظة وبني قينقاع، ويهود خيبر ما جرى من القتل والجلاء، ثم الباقون منهم مقهورون بالجزية، لا ملك لهم ولا سلطان.
ثم قال تعالى :﴿وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً﴾.
يجوز أن تكون " حصيراً " بمعنى فاعل، أي : حاصرة لهم، محيطة بهم، وعلى هذا : فكان ينبغي أن تؤنَّث بالتاء كجبيرة.
وأجيب : بأنها على النَّسب، أي ذات حصرٍ ؛ كقوله :﴿السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ﴾ [المزمل : ١٨]، أي ذات انفطارٍ، وقيل : الحصيرُ : الحبسُ، قال لبيد :[الكامل] ٣٣٨٧ - ومَقامَةٍ غُلْبٍ الرِّجالِ كَأنَّهم
جِنٌّ لَدى بَابِ الحَصِير قِيَام
جزء : ١٢ رقم الصفحة : ٢١٣
وقال أبو البقاء :" لم يؤنثه ؛ لأنَّ فعيلاً بمعنى فاعلٍ " وهذا منه سهوٌ ؛ لأنه يؤدِّي إلى أن تكون الصفةُ التي على فعيلٍ، إذا كانت بمعنى فاعل، جاز حذف التاء منها، وليس كذلك لما تقدَّم من أن فعيلاً بمعنى فاعل يلزمُ تأنيثه، وبمعنى مفعول يجب تذكيره، وما جاء شاذًّا من النوعين يؤوَّلُ.
وقيل : إنما لم يؤنَّث لأنّ تأنيث " جهنَّم " مجازيٌّ.
وقيل : لأنها في معنى السِّجْن والمحبس، وقيل : لأنها بمعنى فراشٍ.
ويجوز أن تكون بمعنى مفعول أي : جعلناها موضعاً محصوراً لهم، والمعنى : أنَّ عذاب الدنيا، وإن كان شديداً إلا أنه قد يتفلَّت بعض النَّاس عنه، والذي يقع فيه يتخلَّص عنه إمَّا بالموت، أو بطريق آخر، وأما عذاب الآخرة، فإنَّه يكون محيطاً به، لا رجاء في الخلاص منه.
جزء : ١٢ رقم الصفحة : ٢١٣
قوله تعالى :﴿إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ الآية.
٢١٧